ألغاز التخدير الطبي.. كيف يعمل التخدير العام ولماذا ما زال العلم عاجزا عن تفسيره؟
منوعات
ألغاز التخدير الطبي.. كيف يعمل التخدير العام ولماذا ما زال العلم عاجزا عن تفسيره؟
6 أيلول 2025 , 15:07 م

يستخدم الأطباء منذ ما يقارب قرنين من الزمن  التخدير الطبي لإدخال المرضى في حالة من فقدان الإحساس بالألم، مما يسمح بإجراء العمليات الجراحية دون معاناة، ورغم أن طرق التخدير تطورت وأصبحت أكثر أمانا، فإن آلية عمله الدقيقة ما تزال واحدة من أكبر ألغاز الطب الحديث.

بداية عصر التخدير

بدأت حقبة التخدير عام 1846 عندما استخدم طبيب الأسنان ويليام مورتون الإيثر في مستشفى بولاية ماساتشوستس الأمريكية، ليُدخل أحد المرضى في نوم عميق أمام لجنة من الأطباء، كان ذلك الحدث نقطة تحول في تاريخ الطب، إذ فتح الباب أمام إجراء العمليات الكبرى دون ألم، على الرغم من أن الإيثر نفسه توقف استخدامه لاحقا بسبب سميته وقابليته للاشتعال.

كيف تعمل أدوية التخدير؟

تشير الدراسات الحديثة إلى أن بعض العقاقير تزيد من فعالية جزيء GABA، وهو الناقل العصبي المسؤول عن تهدئة نشاط الدماغ، هذا يؤدي إلى إبطاء نشاط الخلايا العصبية تدريجيا حتى يدخل المريض في حالة فقدان الوعي. 

كيف تعمل أدوية التخدير ؟كيف تعمل أدوية التخدير ؟

هناك أدوية أخرى مثل دكسمديتوميدين تعمل بطريقة مختلفة، حيث تعطل الإشارات العصبية في جذع الدماغ، وهو الجزء المسؤول عن الحفاظ على الوعي.

وبينما تعمل بعض العقاقير على محاكاة النوم الطبيعي الخالي من الأحلام، فإن أخرى مثل البروبوفول في جرعات عالية تكاد توقف نشاط الدماغ بالكامل، باستثناء الوظائف الحيوية.

التخدير والنوم: تشابه أم خداع بصري؟

على جهاز تخطيط الدماغ (EEG)، يبدو التخدير قريبا من النوم الطبيعي، لكن الاختلافات العميقة واضحةؤ ففي النوم يتغير معدل ضربات القلب وحرارة الجسم تدريجيا، بينما تحت تأثير التخدير تكون هذه التغيرات أكثر حدة وخطورة، ولهذا يخضع المريض لرقابة صارمة طوال فترة العملية.

هل التخدير آمن؟

اليوم يُعتبر التخدير العام من أكثر الممارسات الطبية أمانا، إذ لا تتجاوز المضاعفات الخطيرة حالة واحدة بين كل 100 ألف حالة، لكن بعض المرضى قد يشعرون بالتعب أو التشوش بعد الإفاقة. ومن المثير للاهتمام أن بعض الأبحاث أظهرت أن دكسمديتوميدين قد يُحسن جودة النوم بعد العمليات، رغم أن العلماء لم يكتشفوا بعد كيف يحدث ذلك على المستوى الجزيئي.

اللغز الذي لم يُحل بعد

رغم كل التقدم، يبقى السؤال الكبير: لماذا يؤدي إبطاء نشاط الدماغ إلى فقدان كامل للوعي وانقطاع الإحساس بالألم؟ هذا السر ما زال عصيا على التفسير العلمي، ما يجعل التخدير واحدا من أكثر فروع الطب غموضا وإثارة للدهشة.