كيف يتعامل الدماغ مع قراراتنا ولماذا نغير رأينا أحيانا؟
منوعات
كيف يتعامل الدماغ مع قراراتنا ولماذا نغير رأينا أحيانا؟
8 أيلول 2025 , 14:39 م

تخيل نفسك في برنامج مسابقات، حيث يطلب منك المذيع اختيار أحد ثلاثة خيارات: أ، ب، أو ج. بعد أن تختار مثلًا الخيار ب، يكشف لك المذيع أنّ أحد الخيارات الأخرى (لنقل ج) لا يحتوي على الجائزة، ثم يسألك في المرحلة النهائية: هل ترغب في تغيير رأيك والانتقال إلى الخيار أ أم تظل متمسكا بخيارك الأول ب؟

هذه المسألة الشهيرة تُعرف باسم "مشكلة مونتي هول"، وقد أثارت فضول علماء الرياضيات لعقود، لكنها في الوقت ذاته تكشف الكثير عن طريقة عمل العقل البشري وآليات اتخاذ القرار .

لماذا يغيّر بعض الناس آراءهم بينما يتمسّك آخرون بخياراتهم الأولى؟

الأبحاث حول تغيير الرأي تستند إلى مفهوم الميتا-معرفة، أي القدرة على إدراك ومراقبة عمليات التفكير لدينا. ببساطة، هي "الصوت الداخلي" الذي يخبرنا ما إذا كنا على الطريق الصحيح أو إن كان علينا بذل جهد أكبر.

عادة ما يكون تغيير الرأي مرتبطًا بانخفاض الثقة في القرار الأول، ورغم ذلك أظهرت الدراسات أن الناس يغيّرون قراراتهم أقل مما قد نتوقع، حتى في حالات الشك، ومن المدهش أنّ تغييرات الرأي غالبا ما تؤدي إلى نتائج أفضل، وهو ما يُعرف بـ الحساسية الميتا-معرفية.

المثير للاهتمام أنّ الأشخاص غالبا ما يتخذون قرارات أكثر دقة بشأن تغيير رأيهم عندما يكونون تحت ضغط الوقت. هذا يفتح الباب أمام تدريب العقول على تحسين القدرة على اتخاذ القرارات في مواقف حساسة.

الدماغ يكشف متى سنغيّر رأينا

في تجارب مخبرية، تمكن الباحثون من التنبؤ بتغيير الأشخاص لقراراتهم من خلال مراقبة نشاط الدماغ حتى قبل اتخاذ القرار الأول. هذه النتائج تشير إلى إمكانية الاستفادة من مؤشرات النشاط العصبي لتحسين جودة القرارات منذ البداية، دون الحاجة إلى تغيير لاحق. وقد يكون لهذا أثر كبير في مجالات حساسة مثل الطب والدفاع.

لماذا لا نغيّر آراءنا كثيرا؟

رغم أن الأبحاث تثبت أنّ تغيير الرأي يحسّن النتائج، إلا أن كثيرا من الناس يترددون في فعل ذلك لسببين رئيسيين:

1. الجهد المعرفي: تغيير الرأي يتطلب تحليلا إضافيا، وهو ما لا يحتاجه الإنسان في قرارات يومية بسيطة مثل اختيار مشروب غازي.

2. العلاقات الاجتماعية: كثرة تغيير الرأي قد يُفسّر كشخصية متقلبة وغير موثوقة، وهو ما يضر بالاندماج الاجتماعي والعلاقات.

مستقبل أبحاث تغيير الرأي

يعدّ هذا المجال من أسرع المجالات نموا في علم الأعصاب وعلم النفس، قد تركز الأبحاث المستقبلية على تحديد مؤشرات دقيقة في الدماغ تساعد في التنبؤ باللحظة التي ينبغي فيها تغيير القرار، وإذا نجحت هذه الأبحاث، فقد نتمكن من تدريب الأشخاص على تحسين أدائهم المهني والاجتماعي عبر معرفة الوقت المناسب لتبديل قراراتهم.

وبالعودة إلى مشكلة مونتي هول: إذا وجدت نفسك في مثل هذا الموقف، فالخيار الأفضل رياضيا هو تغيير رأيك، حيث تضاعف فرصك في الفوز بمجرد التحويل إلى الخيار الآخر.

المصدر: The Conversation