طور مختبر جاكسون (JAX) علاجا ثوريا قد يغير طريقة مكافحة مرض الإنفلونزا ، أحد أخطر الأمراض المعدية على مستوى العالم، ووفق دراسة حديثة نُشرت في مجلة Science Advances، أظهر خليط من الأجسام المضادة قدرة فائقة على حماية الفئران، بما في ذلك الفئران ذات الجهاز المناعي الضعيف، من معظم سلالات الإنفلونزا، بما في ذلك السلالات الطيرية والخنازيرية التي تشكل تهديدا وبائيا.
الفرق بين العلاج الجديد والعلاجات الحالية
تختلف هذه الطريقة عن العلاجات المعتمدة حاليا من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، التي تستهدف إنزيمات الفيروس وقد تفقد فعاليتها سريعا مع تحوّر الفيروس، العلاج الجديد لم يسمح للفيروس بالتهرب، حتى بعد شهر من التعرض المتكرر، وهو أمر بالغ الأهمية أثناء الأوبئة، عندما يعتمد البقاء على الحياة على سرعة وفعالية تقديم العلاج، في حين أن تطوير اللقاحات يحتاج عادة إلى نحو ستة أشهر.وقالت سيلكه باوست، أخصائية المناعة في مختبر جاكسون والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حماية واسعة وطويلة الأمد ضد الإنفلونزا في نظام حي. حتى عند تقديم العلاج بعد أيام من العدوى، نجت معظم الفئران المعالجة."نهج جديد: الأجسام المضادة غير المعادلة
تحدّت الدراسة الاعتقاد السائد بأن فعالية الأجسام المضادة تتطلب أن تكون "معادلة" تمنع الفيروس من إصابة الخلايا. وبدلاً من ذلك، استخدم الباحثون أجسامًا مضادة "غير معادلة" تضع علامة على الخلايا المصابة في الرئتين وتستحث الجهاز المناعي للقضاء على العدوى، مما قد يغيّر تصميم العلاجات للفيروسات الأخرى.
وأوضح باوست: "معظم الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم غير معادلة، لكن الطب تجاهلها غالبا، نحن نثبت أنها قد تكون منقذة للحياة، حتى مع سلالات قاتلة مثل H5 وH7."
استهداف نقطة ضعف ثابتة في الفيروس
ركز الفريق على منطقة صغيرة محفوظة بشدة في بروتين الماتريكس 2 لفيروس الإنفلونزا A، والمعروفة باسم M2e، وهي ضرورية لدورة حياة الفيروس وتبقى ثابتة تقريبا عبر جميع السلالات البشرية والطيرية والخنازيرية.
أظهر العلاج فعاليته حتى بجرعات منخفضة، قبل وبعد الإصابة بالفيروس، حيث قلل بشكل كبير من شدة المرض وحمولة الفيروس في الرئتين، كما حسّن معدلات البقاء على قيد الحياة لدى الفئران السليمة والمضعفة المناعية.
نتائج مبهرة ضد سلالات قاتلة
عند اختبار سلالة H7N9 من إنفلونزا الطيور، قلّلت جرعة واحدة فقط من العلاج كمية الفيروس في الرئتين، حتى بعد أربعة أيام من الإصابة، وساهمت في زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة، حيث نجت جميع الفئران عند العلاج خلال الأيام الثلاثة الأولى، بينما بلغت معدلات النجاة 70% و60% في اليومين الرابع والخامس على التوالي.
وأشارت باوست: "يمكن استخدام جرعات منخفضة جدا، ما يبشر بأن يكون العلاج أقل تكلفة وأقل عرضة للآثار الجانبية لدى البشر."
آفاق مستقبلية واعدة
يعمل الفريق حاليا على تطوير أجسام مضادة بشرية مماثلة لاستهداف بروتين M2، بهدف استخدامها كعلاج وقائي ومستقل، خصوصًا لكبار السن والمرضى ذوي المناعة الضعيفة، إلى جانب استخدامها كعلاج للمرضى المصابين بشدة.
وقالت باوست:"نحتاج إلى علاج جاهز للاستخدام الفوري عند حدوث أي وباء أو تفشي، خصوصًا عندما تكون معدلات الوفيات عالية، وهذا النوع من العلاج قد يكون متاحا للجميع في أي ظرف."