كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة صن شاين كوست (University of the Sunshine Coast) الأسترالية أن واحدا من كل أربعة أشخاص في أستراليا يشعر بانتظام بالوحدة .
وأوضحت الدراسة أن هذا الشعور لا يقتصر على انخفاض المزاج أو الإحساس بالحزن، بل يتجاوز ذلك ليؤثر مباشرةً في الصحة العقلية والجسدية، ولهذا السبب خصصت أستراليا اليوم العالمي للصحة النفسية لهذا العام لموضوع العلاقات الاجتماعية وأثرها في الصحة.
الإنسان مبرمج بيولوجيا على التواصل
أشار العلماء إلى أن الإنسان مهيأ بيولوجيا للتواصل الاجتماعي، فالتفاعل مع الآخرين يُعد آلية تطورية أساسية للبقاء، ويشارك فيه معظم أجزاء الدماغ.
عندما يُعزل الشخص عن محيطه، يفسّر الدماغ العزلة كتهديد مباشر، مما يؤدي إلى تفعيل استجابات التوتر في الجسم.
وفي المقابل، فإن التواصل الاجتماعي يحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وهو الهرمون الذي يقلل القلق ويعزز الشعور بالأمان.
الوحدة تُشعل الدماغ كالألم الجسدي
أوضح الباحثون أن الوحدة تُحدث تأثيرا في الدماغ مشابها للشعور بالألم الجسدي، إذ يفسّرها الجهاز العصبي كخطر، فيُفرز الجسم هرمونات التوتر التي تضعه في وضعية الدفاع.
أما التفاعل الإيجابي مع الآخرين فينشّط إنتاج الأوكسيتوسين، مما يخفض القلق ويزيد الإحساس بالطمأنينة والارتباط.
العلاقات الاجتماعية تحمي القلب والدماغ
أظهرت الدراسات أن الانخراط الاجتماعي المنتظم يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب، وأمراض القلب، والخرف.
وأكّد البحث الطولي الشهير لجامعة هارفارد حول السعادة أن جودة العلاقات الاجتماعية في منتصف العمر (عند سن الخمسين) هي أقوى مؤشر على الصحة والسعادة عند بلوغ الثمانين.
بمعنى آخر، العلاقات القوية ليست مجرد ترف نفسي، بل عامل رئيسي في طول العمر وجودته.
نصائح العلماء لتجاوز الشعور بالوحدة
ينصح علماء النفس بالبدء بخطوات بسيطة لكسر دائرة العزلة، مثل:
الابتسام لأحد المارة،
الاتصال بأحد الأقارب أو الأصدقاء،
تبني حيوان أليف،
الانضمام إلى مجموعة أو نشاط اجتماعي.
حتى الاتصالات القصيرة والعابرة يمكنها بمرور الوقت تقليل مستويات التوتر وتحسين المزاج العام.
وختم الباحثون بقولهم: “الوحدة ليست سببا للخجل، بل هي تذكير بأن الإنسان مخلوق يحتاج إلى الآخرين ليزدهر.”