نسمع منذ طفولتنا أن فيتامين سي مفيد ويُحسّن المناعة، لكن قليلين يعرفون مدى أهميته الحقيقية في كل خلية من خلايا الجسم، فهو ليس مجرد مكمّل غذائي، بل مكوّن أساسي للحياة يؤثر في الجلد، القلب، الدماغ، والمناعة بحسب وكالة الأنباء الروسية "تاس" (ТАСС).

ما هو فيتامين سي؟

الاسم العلمي لفيتامين سي هو حمض الأسكوربيك، وقد اكتُشف في عشرينيات القرن الماضي على يد العالم الأمريكي المجري الأصل ألبرت سنت-جيورجي، الذي نال جائزة نوبل عام 1937 لأبحاثه في الأكسدة الحيوية.

لاحقا، تمكن العالِم الأمريكي تشارلز كينغ من عزله من عصير الليمون عام 1932، ثم حدد الكيميائي البريطاني نورمان هاورث بنيته الجزيئية عام 1933.

ويمتاز حمض الأسكوربيك بقدرته العالية على الذوبان وسرعة الامتصاص، لكنه حساس للضوء والحرارة، مما يجعله يتفكك في الأطعمة المخزّنة أو المطبوخة.

حاجة الجسم اليومية من فيتامين سي

تعتمد الجرعة اليومية على العمر والجنس والحالة الصحية:

الرجال البالغون: 90 ملغ يوميا

النساء البالغات: 75 ملغ يوميا

المراهقون: بين 65 و75 ملغ يوميا

لماذا يحتاج الجسم إلى فيتامين سي؟

على عكس أغلب الثدييات، لا يستطيع جسم الإنسان إنتاج فيتامين سي بنفسه، بسبب فقدان الجين المسؤول عن ذلك عبر التطور، لذا يعتمد الإنسان كليا على الطعام أو المكمّلات كمصدر خارجي.

1. تكوين الكولاجين

فيتامين سي ضروري لإنتاج الكولاجين، البروتين الذي يمنح الجلد مرونته ويقوي الأوعية الدموية والأربطة والقرنية. نقصه يؤدي إلى ضعف التئام الجروح وترقق الجلد والشعيرات الدموية.

2. دعم عملية الأيض

يساعد في امتصاص الحديد من الأطعمة النباتية، ويشارك في تصنيع الأحماض الأمينية والهرمونات الضرورية للطاقة والمزاج.

3. حماية الخلايا من الأكسدة

يعدّ من أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية، إذ يحيّد الجذور الحرة المسببة للشيخوخة والأمراض المزمنة.

4. تقوية المناعة

يعزّز نشاط خلايا الدم البيضاء، ويسرّع الشفاء من نزلات البرد والإنفلونزا، ويقلّل شدة الأعراض.

5. صحة القلب والأوعية

يساعد على تنظيم ضغط الدم وتقوية الشعيرات الدموية، كما يخفض الكوليسترول الضار ويحافظ على صحة القلب.

6. توازن الجهاز العصبي

يدعم إنتاج الناقلات العصبية المسؤولة عن المزاج والتركيز ومقاومة التوتر.

أعراض نقص فيتامين سي

يبدأ النقص بأعراض خفيفة يسهل تجاهلها:

التعب المستمر وقلة التركيز

ضعف المناعة وكثرة نزلات البرد

بطء التئام الجروح

جفاف الجلد وتساقط الشعر

ظهور كدمات دون سبب

ألم في المفاصل والعضلات

وفي الحالات الشديدة، قد يؤدي النقص المطوّل إلى مرض "الإسقربوط" (السكرفي)، الذي يسبب التهابات اللثة، ارتخاء الأسنان، ونزيفا داخليا — وهو نادر اليوم لكنه لا يزال خطرا في حالات سوء التغذية.

الإفراط في تناول فيتامين سي: هل هو خطر؟

رغم أن الجسم يتخلّص من الفائض عبر البول، إلا أن الجرعات العالية (فوق 2000 ملغ يوميا) قد تسبب:

اضطرابات هضمية وغثيانا

حرقة في المعدة

تكوّن حصى الكلى

صداعا وقلقا وأرقا

لذا يُنصح بعدم تجاوز الجرعة الموصى بها، خاصة لمن يعانون من أمراض الكلى أو السكري.

أفضل مصادر فيتامين سي الطبيعية

أغنى الأطعمة به:

ثمر الورد (الورد البري) — 650 ملغ لكل 100غ

النبق البحري (الأوبليبخا)

الفلفل الحلو (الأحمر)

الكشمش الأسود

الكيوي

البروكلي والكرنب

الحمضيات: برتقال، ليمون، جريب فروت

الفراولة والبقدونس والشبت

ملاحظة: الطهي يقلل تركيز فيتامين سي بنسبة تصل إلى 90%، لذا يُفضل تناوله طازجا.

من يحتاج فيتامين سي أكثر من غيره؟

الحوامل والمرضعات: لدعم نمو الجنين والمناعة.

كبار السن: لتقوية الأوعية الدموية والحد من الشيخوخة.

المدخنون: النيكوتين يدمر فيتامين سي، وتزداد حاجتهم إلى 160 ملغ يوميا.

سكان المدن: بسبب التلوث والإجهاد الغذائي.

مرضى المناعة المنخفضة: بعد العمليات أو العلاج الكيميائي.

كيف تتناول فيتامين سي بشكل آمن وفعّال؟

لا تتناوله على معدة فارغة لتجنب تهيج المعدة.

يمكن أخذه مع الحديد أو الكالسيوم لزيادة الامتصاص.

يُفضَّل اختيار مكمّلات الإطلاق البطيء (Prolonged Release).

لا تعتمد عليه كبديل للتغذية الطبيعية، بل كدعم مؤقت.

فيتامين سي ليس مجرد "حبوب للمناعة"، بل ركيزة أساسية لصحة الجسم والعقل.

تناوله باعتدال، وركز على الأطعمة الطازجة الغنية به — فحين يكون فيتامين سي حاضرا في نظامك اليومي، يكون جسمك أكثر شبابا، ومناعتك أقوى، وحياتك أكثر توازنا