سبب ارتفاع نسبة إصابة النساء بمتلازمة القولون العصبي مقارنة بالرجال
دراسات و أبحاث
سبب ارتفاع نسبة إصابة النساء بمتلازمة القولون العصبي مقارنة بالرجال
23 تشرين الأول 2025 , 14:28 م

لطالما كان الحديث عن اضطرابات الجهاز الهضمي بين النساء موضوعا يتناوله البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عناوين مثل "الفتيات الجميلات يعانين من مشاكل في المعدة"، في محاولة لكسر الوصمة المحيطة بمتلازمة القولون العصبي (IBS) .

من خلال مشاركة القصص والمحتوى حول الانتفاخ، والغازات، والإسهال، والإمساك، بدأت النساء في تسليط الضوء على واقع هذه الحالة الصحية المزعجة.

لكن السؤال المهم الذي يطرحه الباحثون هو: لماذا تصيب متلازمة القولون العصبي النساء أكثر من الرجال؟

النساء أكثر عرضة مرتين للإصابة بالقولون العصبي

تشير الدراسات التي نشرها موقع The Conversation إلى أن النساء مرتين أكثر عرضة من الرجال للإصابة بمتلازمة القولون العصبي، وتظهر الأعراض غالبا في الفئة العمرية ما بين 18 و39 عاما.

ويرى الخبراء أن الهرمونات الجنسية تلعب دورا محوريا في هذا التباين، إلى جانب عوامل أخرى نفسية وبيولوجية.

ما هي متلازمة القولون العصبي؟

متلازمة القولون العصبي ليست مجرد ألم في البطن، بل هي اضطراب معقد يؤثر في الإشارات العصبية بين الدماغ والأمعاء، فيما يُعرف بـ محور الأمعاء-الدماغ.

ويُطلق عليها "متلازمة" لأنها تتكوّن من مجموعة من الأعراض وليس من خلل بنيوي في الأمعاء.

من بين هذه الأعراض:

الإسهال أو الإمساك غير المتوقع.

ألم وانتفاخ في البطن.

التعب والصداع.

آلام الحوض، خاصة لدى النساء.

كما يرتبط القولون العصبي بمستويات عالية من القلق والاكتئاب، مما يزيد من سوء الأعراض لدى بعض المرضى.

كيف تتأثر الأمعاء بمحور الدماغ؟

حتى الآن، لا يوجد سبب محدد لتطور القولون العصبي، ولكن المؤكد أن التواصل بين الدماغ والجهاز الهضمي يصبح مضطربا.

فعوامل مثل الضغوط النفسية، والنشاط البدني، والنظام الغذائي، وأنماط التفكير القلقة يمكن أن تؤثر على الإشارات العصبية التي تنظم حركة الأمعاء.

عندما تصبح هذه الإشارات مفرطة أو بطيئة، يصبح الجهاز الهضمي أكثر حساسية للطعام أو التوتر، مما يؤدي إلى اضطراب في حركة الأمعاء وظهور الأعراض.

دور الهرمونات في تفاقم الأعراض

الاختلاف في شدة أعراض القولون العصبي بين الرجال والنساء يرتبط بدرجة كبيرة بالفروق الهرمونية.

الرجال يتمتعون بمستويات أعلى من هرمون التستوستيرون، والذي يبدو أنه يوفر حماية طبيعية ضد تطور القولون العصبي.

أما النساء، فتعانين من تقلبات في هرموني الإستروجين والبروجسترون، وهما الهرمونان اللذان يؤثران في سرعة حركة الطعام عبر الأمعاء.

عندما تنخفض مستويات هذه الهرمونات — كما يحدث أثناء الدورة الشهرية — تزداد الأعراض سوءا، حيث يصبح الهضم أبطأ، مما يسبب الإمساك والألم أو العكس تماما الإسهال المفاجئ.

علاقة القولون العصبي بأمراض النساء

تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة وثيقة بين القولون العصبي وبعض الاضطرابات الهرمونية النسائية مثل:

بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)

متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)

وتُظهر الدراسات أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي بثلاثة أضعاف، بينما تتضاعف النسبة لدى المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات.

يرجّح الباحثون أن السبب يعود إلى الالتهابات المزمنة، وضعف بطانة الأمعاء، واختلال توازن البكتيريا المعوية، إضافة إلى فرط حساسية الأعصاب في الجهاز الهضمي.

إدارة القولون العصبي

حتى الآن لا يوجد علاج نهائي لمتلازمة القولون العصبي، لكن يمكن التحكم في الأعراض عبر تغييرات في نمط الحياة وبعض الأدوية المساندة.

تغييرات غذائية

ينصح الأطباء بتقليل الأطعمة التي تهيّج الأمعاء مثل:

الكافيين

الأطعمة الحارة والدهنية

الكحول والمشروبات الغازية

كما يُوصى أحيانا باتباع نظام غذائي منخفض الـ FODMAPs، وهو نظام يحدّ من تناول الكربوهيدرات القابلة للتخمير الموجودة في منتجات الألبان وبعض الفواكه مثل التفاح والبطيخ، ثم يُعاد إدخالها تدريجيا لمعرفة الأطعمة المسببة للأعراض.

العلاج السلوكي المعرفي

يساعد هذا النوع من العلاج النفسي على إعادة تنظيم التواصل بين الدماغ والأمعاء، من خلال تقنيات تهدف إلى تقليل القلق، والتوتر، والاستجابة المفرطة للألم.

التنويم الإيحائي

يُستخدم أيضا في بعض الحالات لتهدئة حساسية الجهاز الهضمي وتعليم الجسم كيفية الاسترخاء والتعامل مع التوتر.

الأدوية

قد يوصي الأطباء بأدوية تنظم سرعة الهضم أو تخفف الألم العصبي، وأحيانًا تُستخدم جرعات منخفضة من مضادات الاكتئاب للمساعدة في تقليل حساسية الأمعاء للألم.

وسائل التواصل الاجتماعي: دعم حقيقي أم نصائح مضللة؟

رغم أن بعض النساء يجدن دعما ومجتمعا متفهّما على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن العديد منهن لا يؤخذ مرضهن على محمل الجد، حتى من قبل بعض الأطباء.

إن مشاركة التجارب عبر الإنترنت تساعد على كسر حاجز الخجل والتوعية بالمرض، لكنها قد تكون سيفا ذا حدين، إذ تنتشر أيضًا نصائح غير علمية أو منتجات باهظة الثمن دون دليل طبي.

يُعد القولون العصبي حالة معقدة تتأثر بالعوامل الهرمونية والنفسية والبيئية.

ورغم أنه لا علاج نهائي له، فإن العلاج الموجّه والنهج الفردي في التعامل مع الأعراض يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في حياة المريضات.

لذلك، من الضروري أن تتحدث النساء المصابات بأعراض مستمرة مع الأطباء المختصين أو أخصائيي التغذية أو علم النفس، للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاج مناسبة.

المصدر: The Conversation