علماء يرصدون كيف يبدأ قلب الإنسان بالنبض داخل الرحم
منوعات
علماء يرصدون كيف يبدأ قلب الإنسان بالنبض داخل الرحم
30 تشرين الأول 2025 , 14:24 م

تمكن فريق من الباحثين السويديين من مشاهدة كيف يتكوّن قلب الإنسان قبل ولادته، وكيف تتفاعل خلاياه لتوليد أول نبضة تنبض بالحياة.

النتائج نشرتها منصة Наука Mail (علوم ميل)، وأظهرت أن العلماء في المعهد الملكي للتكنولوجيا (KTH) استطاعوا رسم أول خريطة مكانية لتطور قلب الجنين البشري بدقة غير مسبوقة، كاشفين عن المراحل الدقيقة التي يتشكل فيها القلب ويكتسب إيقاعه الطبيعي.

خريطة تُظهر كيف "يتعلم" القلب النبض

أوضح الباحثون أن الخريطة الجديدة تُظهر بالتفصيل كيفية تشكّل الصمامات، والجدران الداخلية، والاتصالات العصبية داخل القلب، وصولاً إلى اللحظة التي يبدأ فيها هذا العضو الصغير بإطلاق نبضته الأولى — الإيقاع الذي سيستمر معه مدى الحياة.

لتحقيق ذلك، استخدم العلماء تقنية متطورة تُعرف باسم التحليل الجيني المكاني (Spatial Transcriptomics)، وهي أداة تسمح بتحديد الجينات النشطة في كل نقطة من نسيج القلب النامي.

وبفضلها، تمكن الباحثون من مشاهدة آلاف الخلايا وهي تتفاعل وتتبادل الإشارات وتنسق جهودها لبناء عضو نابض بالحياة.

أكثر من 70 نوعاً من الخلايا

اعتمدت الدراسة على عينات مأخوذة من بنك أنسجة التطور البشري التابع لمعهد كارولينسكا، وشملت تحليل أكثر من 70 نوعاً مختلفاً من الخلايا التي تشارك في بناء القلب.

ومن بين هذه الخلايا، تم التعرف على مجموعة تنتج الأدرينالين — يُعتقد أنها تساعد قلب الجنين على التعامل مع نقص الأكسجين أثناء النمو وأثناء الولادة. كما يرجح العلماء أن هذه الخلايا قد تكون مرتبطة ببعض الأورام النادرة في القلب مثل الفيوكروموسيتوما.

سرّ التشكل الطبيعي والعيوب الخلقية

أظهرت الخريطة أن الخلايا المسؤولة عن تكوين الصمامات والحواجز القلبية تختلف في تركيبها وسلوكها.

ويرى العلماء أن هذا التنوع في الخصائص الخلوية قد يفسر لماذا يُولد بعض الأطفال بعيوب خلقية في القلب بينما لا يُصاب بها آخرون.

كما كشفت الدراسة في المركز الطبيعي لتنظيم نبض القلب كيف تنمو الأعصاب داخل القلب تدريجياً لتشكيل العقدة الجيبية الأذينية (SA Node).

ومن المدهش أن القلب يبدأ باستقبال الإشارات العصبية من النورأدرينالين والأسيتيل كولين منذ مراحل مبكرة، ليعمل بتناغم يشبه أوركسترا من الخلايا تعرف إيقاعها الخاص.

القلب كمنظومة حية وليست مجرد عضو

يرى الباحثون أن هذا الاكتشاف يُعيد تعريف نظرتنا إلى القلب، ليس كعضو ثابت التركيب كما في كتب التشريح، بل كـ نظام حيّ ديناميكي تتفاعل فيه الخلايا بشكل منسّق لبناء هيكل نابض بالحياة.

ويمثل إنشاء هذه الخريطة خطوة مهمة نحو فهم أسباب العيوب الخلقية واضطرابات النبض القلبي، ويفتح المجال أمام علاجات وقائية جديدة تُبنى على فهم دقيق لتطور القلب منذ بدايته الأولى.

المصدر: Science Mail