نجح فريق من علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في تطوير جسيمات نانوية مبتكرة قادرة على تعزيز فعالية العلاج المناعي في محاربة سرطان المبيض ، أحد أكثر أنواع السرطان مقاومة للعلاج.
التقنية الجديدة تعتمد على توصيل جزيء مناعي قوي يُعرف باسم إنترلوكين-12 (IL-12) مباشرة إلى الورم، مما يساعد جهاز المناعة في الجسم على مهاجمة الخلايا السرطانية بفاعلية أكبر.
القضاء على أكثر من 80٪ من الأورام في التجارب الحيوانية
في التجارب التي أجريت على الفئران، تمكن العلاج الجديد من القضاء على سرطان المبيض المنتشر في أكثر من 80٪ من الحالات عند دمجه مع أدوية مثبطات نقاط التفتيش المناعية (Checkpoint Inhibitors)، وهي فئة من الأدوية التي تُطلق “الفرامل” عن الخلايا المناعية لتعمل بحرية أكبر ضد الورم.
ورغم نجاح هذه الأدوية في بعض أنواع السرطان، فإنها نادرا ما تكون فعالة ضد أورام المبيض، التي غالبا ما تضعف الاستجابة المناعية للجسم.
قال الباحث الرئيسي في الدراسة إيفان بيريس (Ivan Pires)، الباحث حاليا في مستشفى بريغهام والنساء (Brigham and Women’s Hospital): “المشكلة في سرطان المبيض أنه لا أحد يضغط على دواسة التسارع المناعي، وحتى لو أزلت المكابح، لا يحدث شيء. هنا يأتي دور IL-12 الذي يعمل كمسرّع ينشط خلايا T وخلايا مناعية أخرى لمهاجمة الورم.”
تقنية توصيل مبتكرة وآمنة
رغم فعالية IL-12 العالية، فإن استخدامه بجرعات كبيرة يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة مثل الالتهابات وتسمم الكبد، وقد تصل إلى الوفاة.
ولحل هذه المشكلة، صمم فريق MIT نظاما ذكيا لتوصيل الجزيء باستخدام جسيمات نانوية دهنية (Liposomes) مغطاة ببوليمر يسمى بولي-إل-غلوتامات (Poly-L-Glutamate - PLE).
تُساعد هذه الطبقة في توجيه الجسيمات مباشرة إلى خلايا أورام المبيض، حيث يرتبط IL-12 بالسطح عبر رابطة كيميائية مستقرة تُعرف باسم مالياميد (Maleimide)، لتسمح بإطلاقه تدريجيا داخل الورم على مدار أسبوع كامل.
قال بيريس: “تحكمنا في معدل الإطلاق عبر تحسين الكيمياء المستخدمة، مما زاد فعالية العلاج بشكل كبير.”
هذا الإطلاق البطيء حال دون حدوث سمّية خطيرة، وحافظ على نشاط الخلايا المناعية داخل بيئة الورم. وحققت الجسيمات النانوية وحدها نسبة شفاء بلغت نحو 30٪ من الفئران المصابة، بينما ارتفعت النسبة إلى أكثر من 80٪ عند دمجها مع مثبطات نقاط التفتيش المناعية.
ذاكرة مناعية طويلة الأمد ضد السرطان
أشارت البروفيسورة بولا هاموند (Paula Hammond)، الأستاذة في معهد MIT والمؤلفة المشاركة في الدراسة، إلى أن التصميم المبتكر ساعد على تحفيز الجهاز المناعي لتعلّم التعرف على الورم ومهاجمته مستقبلا.
وقالت هاموند: “ما يثير الحماس هو أننا نجحنا في إيصال IL-12 مباشرة إلى بيئة الورم. وبطريقة تصميم المادة النانوية، نجعل الخلايا السرطانية نفسها تُحفّز الجهاز المناعي لمهاجمتها.”
وأظهرت الفئران التي شُفيت من السرطان مناعة دائمة؛ فعند إعادة إدخال خلايا سرطانية بعد أشهر، دمرها الجهاز المناعي فورا قبل أن تتكون أي أورام جديدة.
نحو التجارب السريرية البشرية
يعمل فريق MIT بالتعاون مع مركز ديشباندي للابتكار التكنولوجي (Deshpande Center for Technological Innovation) على وضع خطة لتطوير هذه التقنية للوصول إلى المرحلة السريرية البشرية قريبا.
تشير هذه النتائج إلى أن العلاج المناعي المدعوم بالجسيمات النانوية قد يفتح الباب أمام جيل جديد من علاجات السرطان الآمنة والفعالة، خصوصا في مواجهة الأورام المقاومة للأدوية التقليدية.