هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تحظر استخدام الفلورايد القابل للبلع للأطفال
منوعات
هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تحظر استخدام الفلورايد القابل للبلع للأطفال
1 تشرين الثاني 2025 , 12:05 م

أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عن حظر بيع وتداول أدوية الفلورايد القابلة للبلع للأطفال ، محذّرة من مخاطر محتملة على الدماغ والميكروبيوم المعوي.

القرار التاريخي، الذي وصفته الهيئة بأنه “أول إعادة تقييم اتحادي شاملة لسلامة الفلورايد منذ أربعينيات القرن الماضي”، يستهدف منتجات تُسوَّق منذ عقود للأهالي كوسيلة وقائية ضد تسوس الأسنان دون أن تحصل على أي موافقة رسمية من الـFDA.

تفاصيل القرار والتنفيذ

في بيان رسمي، أكدت الهيئة أنها أرسلت إشعارات إنفاذ إلى أربع شركات تبيع أدوية تحتوي على الفلورايد للأطفال دون سن الثالثة، وكذلك للأطفال الأكبر سنا ممن لا يعانون من خطر مرتفع للإصابة بالتسوس.

وقال وزير الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت ف. كينيدي الابن: “في عيد الهالوين هذا العام، تدقّ الـFDA المسمار الأخير في نعش العلم القديم، وتحمي أطفالنا من المخاطر المرتبطة بابتلاع الفلورايد. من المقلق أن هذه المنتجات استُخدمت لعقود دون أي موافقة أو مراجعة علمية.”

ويأتي القرار تنفيذا لتوجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن استراتيجية “اجعلوا أطفالنا أصحاء مجددا” (Make Our Children Healthy Again Strategy)، التي أُطلقت في سبتمبر 2025 لإعادة تقييم الممارسات الصحية القديمة الخاصة بالأطفال.

إعادة التفكير في علم الأسنان

قال مفوض إدارة الغذاء والدواء الدكتور مارتي مكاري (Marty Makary) إن فوائد الفلورايد في حماية الأسنان أصبحت تُعاد دراستها على ضوء الأدلة الجديدة حول تأثيره في الميكروبيوم المعوي — وهو النظام البيئي المعقد من البكتيريا المفيدة الذي يلعب دورا محوريا في المناعة والنمو وتطور الدماغ.

وأضاف مكاري: “هناك طرق أكثر أمانا لحماية أسنان الأطفال من استخدام أدوية الفلورايد القابلة للبلع، التي بات معروفا الآن أنها تغيّر توازن الميكروبيوم في الأمعاء.”

وأشار إلى أن المراجعة العلمية التي أجرتها الهيئة كشفت أن هذه الأدوية لم تخضع مطلقا لأي تقييم رسمي للسلامة أو الفعالية رغم استخدامها لعشرات السنين، مؤكدة أنه يُمنع استعمالها للأطفال دون سن الثالثة أو لمن هم في خطر منخفض أو متوسط للإصابة بالتسوس.

الفلورايد بين الفائدة والمخاطر

بيّنت الـFDA أن نفس الخاصية المضادة للبكتيريا التي تجعل الفلورايد فعالا على الأسنان يمكن أن تخلّ بتوازن البكتيريا المفيدة في الأمعاء، ما قد يؤدي إلى آثار صحية غير متوقعة لا تزال قيد الدراسة.

كما استشهدت الهيئة بمراجعة علمية أجرتها مؤسسة Cochrane Review، خلصت إلى أن فوائد الفلورايد في حماية الأسنان اللبنية محدودة جدا.

وأشارت كذلك إلى دراسات حديثة تربط التعرّض المرتفع للفلورايد بانخفاض معدلات الذكاء (IQ) لدى الأطفال، ما أثار مخاوف إضافية بشأن التعرض المبكر.

نحو سياسة صحية قائمة على الأدلة

جاء القرار بعد أشهر من المشاورات العامة والنقاشات العلمية بين أطباء الأسنان والباحثين والأهالي. كما نشرت الـFDA تقريرا تفصيليا وملخصا لتعليقات الجمهور على موقعها الرسمي.

وفي إطار تطوير السياسة الجديدة، أعلنت الهيئة عن شراكة مع المعاهد الوطنية للصحة (NIH) ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية (HHS) لإطلاق أجندة وطنية لأبحاث الفلورايد وأول استراتيجية وطنية لصحة الفم في الولايات المتحدة.

تهدف هذه المبادرة إلى سد الثغرات البحثية ووضع أسس جديدة لطرق الوقاية من أمراض الأسنان، التي تُعد أكثر الأمراض المزمنة شيوعا بين الأطفال في أمريكا.

من عادة قديمة إلى طب وقائي قائم على العلم

مع هذا القرار، تُعلن الـFDA نهاية عصر من الاعتماد على ممارسات وقائية تقليدية غير مدعومة بالأدلة العلمية الحديثة، وتؤكد التزامها بنهج الرعاية الصحية القائمة على العلم والأمان.

فالسياسة الجديدة لا تقتصر على الفلورايد فحسب، بل تمثل تحوّلا جذريا في طريقة تعامل الهيئات الصحية الأمريكية مع صحة الأطفال والوقاية طويلة الأمد.

المصدر: إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)