كتب الأستاذ حليم خاتون: ترامب والأساطير التوراتية..
أخبار وتقارير
كتب الأستاذ حليم خاتون: ترامب والأساطير التوراتية..
حليم خاتون
18 تشرين الثاني 2020 , 01:21 ص
كتب الأستاذ حليم خاتون: ترامب والأساطير التوراتية... {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن رباط الخيل...}. في إحدى قصص العهدالقديم، أنّ أميراً كنعانياً كان يلهو في الغابة مع أصحابه حين لمح ف


كتب الأستاذ حليم خاتون:


ترامب والأساطير التوراتية...
{وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن رباط الخيل...}.

في إحدى قصص العهدالقديم، أنّ أميراً كنعانياً كان يلهو في الغابة مع أصحابه حين لمح فتاةً جميلة, لاحقها إلى وسط الغابة حتى خرّت من التعب.


كمعظم الأمراء المُترفين،ارتكب هذا الأمير الأحمق، ما حرّم الله ارتكابه, وتشاء الصدف أن تكون هذه الفتاة من إحدى العشائر العبرية التي استوطنت المنطقة تحت حماية الملك.

في اليوم التالي، ذهب شيخ العشيرة يشتكي أمره إلى الملك الذي استفظع ماجرى، وأمر ابنه بالزواج من الفتاة لإصلاح الأمر.

استدعى الملك شيخ العشيرة ليخبره بما رأى، واقترح عليه أن تجري مصاهرة جماعية بين العشيرة العبرية والقبيلة الكنعانية، في عرسٍ جماعيٍّ واحد، ما يسمح باتحاد الشعبين.

في تلك الليلة، على حدّ زعم هذه القصة، طلب "الرب" من العشيرة التظاهر بالفرح والسُّكْرِ إلى أن تكون القبيلة الكنعانية قد غفت من التعب والخمر.

وفعلاً، كما أوصى "الربُّ"، ما إن نامت القبيلة من التعب والسكر، حتى انقضّ عليهم شباب العشيرة العبرية وأفنوهم عن بكرة أبيهم.

 لم يتركوا منهم حتى طفلاً يرضع, وكان هذا أعظم "انتقام" 
لل "الرب"، من فِعلةِ أميرٍ أحمق..

إذا كانت هذه أقاصيصهم الدينية؛ إذا كانت هذه أوامر ذلك "الرب" المزعوم؛ هل نُصدِّقُ نوايا ترامب الظاهرة.. ونيته الإنسحاب من سورية والعراق وأفغانستان؟

ربما ما نراه في الإمارات والبحرين، وقريباً في السعودية، هو شيء شبيه بذلك العرس الجماعي المذكور في أحد الأسفار.

أما نحن.. نحن جرت عملية تلقيحنا ضد العمالة والخيانة حتى قبل تكوُّنِنا في أرحام أُمهاتنا, نحن نعرف؛ والصهاينة يعرفون: إن ما بيننا هو صراع وجوديٌّ حتميّ.

نحن نعرف؛ والصهاينة يعرفون: إن أرض كنعان التاريخية لن تحتمل وجود كيان استيطاني إلا على أشلاء أصحاب الأرض من أحفاد كل الحضارات التي مرّت على هذه الأرض... على امتداد التاريخ، منذ كان هذا التاريخ.

ولأننا نحن أحفاد هذه الحضارات، لا يمكن أن نسمح أن نصير أشلاء.

ولأننا نحن أصحاب وأهل أرض كنعان هذه، ليس لنا من خيار إلا الرضاعة من هذه الأرض.

ولأنهم جاؤوا من كل أصقاع الكوكب، ولأنهم يعرفون أنهم ليسوا سوى خليط من المستعمرين الجدد، في زمن ولّى فيه الإستعمار.

ولأنهم يعرفون أن تكرار ما حصل للهنود الحُمر في أميركا أو لسكان أستراليا الأصليين لن يحصل عندنا؛على الأقل، هم لديهم شكوك، وزادت المقاومات من قوة هذه الشكوك؛ لهذا هم سوف يحاولون ويحاولون.. بالقوة أحيانا، وبالعنجهية أحيانا أخرى...بالخديعة والحيلة، كما فعلوا مع عبدالناصر،في ذلك اليوم الحزيراني من سنة ٦٧ حين يرون أمامهم قوة ناشئة لا يمكنهم مواجهتها...

هم يعترفون أنهم عملوا كل ما يمكن عمله...وفي كل مرة، كان حزب الله يخرج أكثر قوة، وأكثر عزيمة... ومعه كل من سانده من المحور، أو من خارج المحور..

ألم يدفن ريغان، وبوش الأب، روسيا ايام بوريس يلتسين، حتى صارت مهزلة، يتطاول عليها صعاليك من الجمهوريات السوفياتية السابقة..؟

كان بوتين يصارع التنين وحده..ضحكوا عليه في ليبيا, ضحكوا عليه في شرم الشيخ سنة ٢٠٠٦, كاد يستسلم لهم في سوريا..  حتى تركيا، لم تكن تقبض روسيا على محمل الجِدّ...

رأى بوتين فرصته التاريخية التي حرمه منها الرئيس الأوكراني الفار، حين وجد أسدا يقاتل مع أسود الله في سوريا.. عرف بوتين النتيجة وعاد إلى المسرح العالمي قوة عظمى.. وعرف الغرب،وعرفت أميركا أنها نهاية المغامرة..

لقد جرّبوا كل شيء:
جربوا الحرب المباشرة فهُزموا.
جرّبوا التكفيريين، فذاقوا، ولا زالوا يذوقون العلقم...
جرّبوا ال NGOs، فطارت مليارات الدولارات في الهواء...
أعادوا خونة العربان إلى المسرح...كل هذا لم يكن له تأثيره...

جاؤوا قبلاً بأنفسهم...
جاؤوا إلى الصومال،
جاؤوا إلى العراق، إلى ليبيا، إلى سوريا...
إلى اليمن... إلى لبنان...

رغم الخراب...هُزموا..

الآن.. يتحدثون الآن عن الانسحاب...

هل نصدقهم؟
قد يكونون عرفوا أنّ الحتمية التاريخية تقول: إنه مهما طال الزمن، سوف ينتصر أهل الأرض.. ربما عرفوا.. ويريدون الانسحاب.. لكن حتى انسحابهم، هو هزيمة.. انسحابهم هو تقاعدهم عن مركز الدولة الأعظم...
هل سوف يتركون هكذا، ببساطة..
انسحبوا من فيتنام ولم تنتهِ الدنيا..
لكن الشرق الأوسط هذا ليس فيتنام..
فلسطين ليست لاوس أو كمبوديا...
الانسحاب من مركز العالم، هو نهاية عصر التنمّر والغطرسة...
استفاقت الصين سنة ٤٩ على غفلة، فأطاحت بالكثير مما كان في أيديهم...

ماذا إذا استفاق هذا الشرق، ومشى على نفس الخطى؟..

بعد ٧١ عاما، تحول القط الصيني إلى نمر يزمجر بوجه أميركا.

بعد ٤٠ سنة من الحصار والحروب، بجميع اشكالها، تجرأت دولة من العالم الثالث، هي إيران، على قصف قاعدة عين الأسد (الأمريكية).

الأسد الفارسي الشاب يُزمجر بوجه الأسد الأميركي الهرم.

لم يبقَ أمامهم سوى الهزيمة أو الخدعة...
والخداع في الحروب، سلاح أشد وطأة...

حذارِ الإستكانة، إنهم بنو صهيون, باسم "الرب"، يحولون الطهارة نجاسة...

ألم يجعلوا من بعض "أسياد" العرب... كلابا لهم!

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري