اكتشاف جيني جديد يفسّر سر الجروح التي لا تلتئم
دراسات و أبحاث
اكتشاف جيني جديد يفسّر سر الجروح التي لا تلتئم
29 تشرين الثاني 2025 , 13:26 م

يعيش ملايين الأشخاص حول العالم مع جروح مزمنة لا تلتئم مهما طالت المدة، هذه الجروح التي غالبا ما تنتج عن أمراض مثل السكري وضعف الدورة الدموية أو الضغط المستمر، قد تكون مؤلمة، وسهلة العدوى، وتؤثر بشكل كبير على جودة الحياة. وفي الحالات المتقدمة، يمكن أن تؤدي إلى البتر.

ورغم أن العلاجات الحالية تساعد في السيطرة على الأعراض، فإنها لا تعالج دائما السبب الجذري للمشكلة، ما يجبر المرضى على الاعتماد على الضمادات والمضادات الحيوية والزيارات المتكررة للعيادات لمدة قد تمتد لسنوات.

لكن دراسة بحثية جديدة تقدّم تفسيرا ثوريا لأسباب فشل بعض الجروح في الالتئام، وتفتح الباب أمام إمكانية تطوير علاجات مبتكرة.

دور جين MC1R: أكثر من مجرد لون الشعر

وجد الباحثون أن جزيئا في الجلد يُسمّى MC1R يتعرّض لاضطراب مستمر في الجروح المزمنة. وعندما قاموا بتنشيطه، استطاعت البشرة تقليل الالتهاب وبدء عملية الشفاء من جديد.

والمثير للدهشة أن هذا الجزيء هو نفسه الجين المسؤول عن لون الشعر الأحمر والبشرة الفاتحة جدًا. إلا أن دوره لا يقتصر على تحديد اللون، بل يمتد ليشمل عمليات حيوية داخل الجلد.

أين يوجد جين MC1R؟

يوجد هذا الجين في عدة أنواع من الخلايا الجلدية، منها:

الخلايا المناعية

الخلايا الكيراتينية (المكوّنة للطبقة الخارجية للجلد)

الخلايا الليفية المسؤولة عن تكوين النسيج الندبي

الخلايا المبطنة للأوعية الدموية

وجوده في هذا التنوع من الخلايا يجعله لاعبا أساسيا في تنظيم عملية الالتئام

كيف يتماثل الجرح للشفاء؟

عملية الشفاء ليست مجرد إغلاق بسيط للجرح، بل تمر بثلاث مراحل رئيسية:

1. الالتهاب لإزالة الأنسجة التالفة والميكروبات.

2. تهدئة الالتهاب عند اكتمال دوره.

3. بدء إصلاح الجلد وتجديده.

عندما تفشل خطوة “إطفاء الالتهاب”، يبقى الجرح عالقا في مرحلة الالتهاب لأشهر أو سنوات.

دراسة الجروح المزمنة: ما الذي اكتشفه العلماء؟

أولًا: تحليل أنسجة بشرية

حلّل العلماء عينات من ثلاثة أنواع رئيسية من الجروح المزمنة:

قرحة القدم السكريّة

قرحة الساق الوريدية

قرح الضغط (قرح الفراش)

ورغم اختلاف الأسباب، إلا أن جميعها أظهرت المشكلة نفسها:

عدم قدرة الجلد على إيقاف الالتهاب.

كما تبيّن أن الجزيء MC1R وشريكه الطبيعي POMC كانا في حالة اختلال واضحة.

ثانيا: نماذج حيوانية لمحاكاة الجروح

درس الباحثون فئرانا تحمل نسخة غير فعّالة من جين MC1R، فظهرت لديها:

جروح تلتئم ببطء شديد

زيادة في الخلايا المناعية الالتهابية

تراكم هائل لـ شبكات الحمض النووي البروتينية (NETs) التي تطيل الالتهاب وتمنع الشفاء

ثم طوّر الفريق نموذجا جديدا لفئران لديها جروح مزمنة شبيهة جدا بالحالات البشرية، لاختبار العلاجات المحتملة.

علاج مبتكر: تنشيط MC1R يعيد الحياة للجلد

عند وضع دواء موضعي يفعّل جزيء MC1R، ظهرت نتائج مذهلة:

انخفاض الإفرازات السائلة من الجروح

زيادة نمو الأوعية الدموية المغذية للجرح

بدء الطبقة الخارجية في الترميم والإغلاق

تراجع شبكات الـ NETs

انخفاض تدفّق الخلايا الالتهابية الجديدة إلى الجرح

كما أنه عند تطبيق الدواء على جروح بسيطة لدى حيوانات سليمة:

تحسّن تدفّق الدم

تحسّنت عملية الصرف اللمفاوي

قلّ ظهور الندوب

وهو ما يشير إلى أن هذا المسار الجيني مهم في الجروح العالقة والجروح الطبيعية على حد سواء.

الجروح المزمنة: تحدٍّ عالمي متزايد

يزداد انتشار الجروح المزمنة عالميا مع ارتفاع معدلات:

السكري

الشيخوخة

السمنة

وهي تمثّل عبئا ضخما على أنظمة الرعاية الصحية، ما يجعل أي تحسين بسيط في طرق العلاج ذا تأثير كبير على مستوى العالم.

أمل جديد في أفق الطب

تشير نتائج الدراسة إلى إمكانية تطوير علاجات جديدة تعتمد على استهداف جين MC1R لمساعدة الجلد على الخروج من حالة الالتهاب المزمن. وبما أن العلاج الموضعي أثبت فعاليته، فقد تكون العلاجات المستقبلية في شكل:

مراهم

جلّات علاجية

ضمادات دوائية ذكية

وهذه حلول قد يتمكن المرضى من استخدامها في المنزل بسهولة.

ورغم الحاجة إلى مزيد من الدراسات، فإن التعرف على MC1R كمسار رئيسي مختل في الجروح المزمنة يمثّل خطوة مهمة نحو فهم أعمق لهذه المشكلة المعقدة، ويوفّر أملا حقيقيا في إيجاد طرق جديدة لدعم قدرة الجلد على الشفاء.

المصدر: موقع The Conversation