يُعدّ السلوك المؤذي للذات عادة خطرة تشير إلى صعوبة في تنظيم العواطف وقد ترتبط بارتفاع خطر التفكير الانتحاري. وتشير الإحصاءات إلى أن واحداً من كل ستة مراهقين يقوم بإيذاء نفسه في مرحلة ما من حياته. وفي محاولة لفهم الأسباب البيولوجية التي تقف وراء هذا السلوك، أجرى فريق من علماء الفسيولوجيا في جامعة غلاسكو دراسة علمية نُشرت في مجلة Nature Mental Health.
لماذا يلجأ بعض المراهقين للسلوكيات المؤذية للذات؟
كشفت استطلاعات الرأي أن المراهقين غالباً ما يقومون بإيذاء أنفسهم للتخفيف من:
الغضب
القلق
الاكتئاب
وقد أثار هذا التساؤلات لدى الباحثين حول السبب الذي يجعل بعض المراهقين ينتقلون من مجرد التفكير بالسلوك المؤذي إلى تنفيذه فعلياً.
تصميم الدراسة
شارك في البحث ثلاثة مجموعات من المراهقين:
1. لم يسبق لهم إيذاء أنفسهم
2. فكروا في إيذاء أنفسهم دون تطبيق
3. مارسوا السلوك المؤذي للذات بالفعل
وخضع جميع المشاركين لمهام تتضمن صوراً ذات طابع عاطفي، بالإضافة إلى اختبار يسبب مستوى من الضغط النفسي. خلال هذه الاختبارات، قام العلماء بقياس النشاط الكهربائي الجلدي (Electrodermal Activity)، وهو مؤشر بيولوجي يعكس شدة الاستثارة العاطفية وتفاعل الجسم مع التوتر.
ما هو النشاط الكهربائي الجلدي؟
هو مقياس لقدرة الجلد على تمرير التيار الكهربائي.
في الحالة الهادئة: تكون المقاومة الكهربائية أعلى.
في حالات التوتر أو الخوف: تنخفض المقاومة بسبب نشاط الغدد العرقية وتأثير الجهاز العصبي الودي.
هذا المؤشر يسمح للعلماء برصد الاستجابة الفسيولوجية للعواطف.
نتائج الدراسة
كشف الباحثون أن المراهقين الذين سبق لهم إيذاء أنفسهم:
يمتلكون استجابة جسدية أقوى بكثير للمحفّزات العاطفية
يشعرون باستثارة عاطفية أكثر شدة
يجدون صعوبة أكبر في التحكم في ردود فعلهم الانفعالية
هذه النتائج تشير إلى أن سلوكيات إيذاء الذات ليست مجرد رد فعل نفسي، بل تشمل عوامل بيولوجية تتعلق بكيفية معالجة أجسامهم للمشاعر.
ماذا تعني هذه النتائج؟
يشير العلماء إلى أن اختلاف القدرة على تنظيم العواطف قد يساعد على تحديد المراهقين الأكثر هشاشة، ومن ثم:
تقديم دعم نفسي مبكر
تدريبهم على استراتيجيات التحكم بالعواطف
فهم آليات معالجة المشاعر بشكل أعمق
الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تطوير أدوات أفضل للكشف المبكر والتدخل الوقائي.