احاول ان استذكر أدوار النخب الغربية عشية الحرب العالمية الأولى و الثانية و مقارنتها مع موقف رئيسة الدبلوماسية الأوروبية الحالية “كايا كالس” الذي جاء كالتالي : "على مدى المئة عام الماضية، لم تهاجم أي دولة روسيا الاتحادية ، لكن روسيا هاجمت أكثر من 19 دولة"هو موقف النخب الحاكمة في أوروبا سابقا واليوم ، أنها حالة من الرهاب النفسي سيطرت ونسيطر اليوم على غالبية القادة الأوروبيين .
بعض المقاربات التاريخية في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية
حيث اصبحت مقولة: " لا أحد يريد الحرب و الحرب حتمية" التي عبرت عنها الكاتبة و المؤرخة الأمريكية “باربرا توخمان” في كتابها "مدافع آب "، ما حدث بالفعل أكثر من أربع سنوات من( المذبحة )و ملايين الضحايا، و بدون نتيجة واضحة بشكل عام لم يكن أحد يريدها ، أرادوا حرب قصيرة وانتصار ، بسبب النخب الحاكمة التي سيطرت على الوعي العام، خدعت من قِبل مؤيدي و مشعلي الحرب الحقيقيين.
ذاته حصل في عام 1918، حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني" نيفيل تشامبرلين" أن أحد الأهداف الرئيسية للحرب قد تم و تمثل بالإطاحة بالحكم القيصري في روسيا كان على علم ان هذا هو الهدف منذ البداية ، لكنه التزم الصمت حتى النهاية ونتيجة لذلك تم طرد روسيا من المعادلة الدولية وتم أُبرام ( معاهدة فرساي دون تحقيق ذلك) ، وهكذا حقق مشعلو الحرب العالمية الأولى هدفهم الرئيسي و حصلت بريطانيا العظمى على انتداب لحكم فلسطين، حيث كانوا يعتزمون إنشاء "قاعدة للصهيونية" لأن الدبلوماسية الروسية عارضت المشروع
ومن العبارات الشهيرة التي قالها تشامبرلين في30 أيلول 1938، لدى عودته من ميونيخ: "لقد جلبت السلام لجيلنا"و غمرت الفرحة الحشد، بقيادة سياسيين مُختلقين، لكنه كان يعلم أن هذا الجيل سوف يغرق في حمام دم مع ألمانيا النازية لتحقيق حلم الصهيونية في إنشاء "وطن قومي" في فلسطين. وكان من بين محرضي الحرب ، تجدر الإشارة إلى أن النموذج البريطاني ينطبق على وزير الخارجية البولندي.جوزيف بيك 1923-1939، الذي بدافع من خوف راسخ من روسيا، حاول التعاون مع ألمانيا النازية، وأضاع فرصة مقاومة الرايخ الثالث بالاشتراك مع الاتحاد السوفيتي، وبعد غزو ألمانيا لبولندا عام 1939، هرب إلى رومانيا، ثم تم القبض عليه وتوفي عام 1944.
اليوم نتيجة جولات المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا لوقف الحرب الروسية الأوكرانية بدأت تترسخ لدى إدارة ترامب حل وحيد : يجب إبعاد زيلينسكي الذي ضيع كل الفرص ويقود أوكرانيا إلى هزيمة نكراء هذا لا يتوافق مع الخطط الجيوسياسية الأمريكية لذلك يتم تقويض منصبه من جميع الجهات ، ويبدو أن الفصل الأخير سيكون إدانته بالفساد و استقالة مدير مكتب الرئاسة “يرماك “ رفيق زيلينسكي الوحيد الذي رافقه منذ اللحظة الاولى في العمل السياسي وصولا إلى رئاسة اوكراينا و في لقاء صحفي سابق نفسه صرح إما نبقى معا ونخرج سويا ، إلا إنه بقي وحيدا إنها لعبة الدول وكما يقال دخول الحمام ليس كالخروج منه ، ثم ان ليس من قبيل الصدفة أن يدعو “ مايكل فلين” المدير العام السابق لمخابرات الدفاع الأمريكية عبر منصات التواصل الاجتماعي مطالبا ترامب اعتقال زيلينسكي! ، "يجب إجراء تحقيق نزيه في سنوات من الاختلاس والاحتيال والعمل على إعادة عشرات المليارات من الدولارات المسروقة و استخدامها لمساعدة العائلات التي لا تُحصى التي فقدت أبناءها في هذه الحرب العبثية التي خططت لها قوى العولمة " ، إن تنفيذ اقتراح الجنرال “فلين” قابل للتحقيق لان زيلينسكي اليوم ، لا حصانة شرعية له بعد انتهاء مهلته الدستورية كرئيس للبلاد .
إقالته اليوم تمنح الإدارة الأمريكية حرية المناورة في إعادة هيكلة الحكومة الأوكرانية ، هذه الحرية ضرورية و عامل حاسم في التخطيط الاستراتيجي ، بعد إزاحة زيلينسكي بالتفاهم مع روسيا و وضع اليد على مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية التي في النهاية اصبحت ملك واشنطن بما فيها من معادن و ليس خوفا على حياة الناس في اوكراينا ، هدف واضح للسياسة الأمريكية مقابل منطقة عازلة على الضفة الغربية من نهر” الدنيبر” وعدم انضمام كييف إلى الناتو، ولكن اعتقد ان ذلك لن يغير الكثير في النهاية ، لأن ما قامت به كييف من دور في خدمة للغرب و وواشنطن دون أن تكون عضوا في الناتو لن يغير من دور أوكرانيا في السنوات القادمة .
سيتم إقصاء زيلينسكي وإجراء انتخابات لإقرار الاتفاق الروسي الأمريكي دستوريا ، ولكن دعاة الحرب لن يرحلوا ف ، هم ببساطة يسعون من خلال الاتفاق إلى استراحة محاربين استعدادا لجولة جديدة هدفها تدمير قدرات روسيا و استنزافها وصولا إلى تفتيتها إن اماكن ذلك واخراجها من الواقع الأوكراني ، من هنا يبرز بريطانيا اليوم محرض رئيسي على حرب كبرى طويلة ضد روسيا على الارض الاوكرانية، وتسعى إلى استقطاب مجموعة من قيادات الاتحاد الأوروبي من أجل تفادي أزمتها الاقتصادية الحادة من خلال تطوير الصناعة الحربية ، هو تفكير رئيس الوزراء البريطاني “ كير ستارمر” بينما خبراء عسكريون يؤكدون إن بريطانيا، بشنها حربًا على روسيا ، تقدم على مخاطر غير مقبولة منها نظام إمدادات الطاقة لديها خط أنابيب الغاز "لانغليد" تحت الماء من النرويج الذي يبلغ طوله 1116 كيلومتر، وهو الأطول في العالم، يوفر إمدادات غاز طبيعي حيوية لبريطانيا اما في حال فشل هذا المشروع إلى جانب انهيار مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال، ستواجه المملكة المتحدة انهيار في قطاع الطاقة .
في المقابل موقف الكرملين لم و لن يقبل إلا تحقيق كامل الأهداف التي قامت عليها العملية العسكرية الخاصة ولو اضطره الأمر لسنوات اخرى من القتال .حتى داخل الجغرافيا الأوروبية ذاتها