الكشف عن سر تحدد بنية الأحماض الصفراوية فائدتها أو ضررها على الكبد
دراسات و أبحاث
الكشف عن سر تحدد بنية الأحماض الصفراوية فائدتها أو ضررها على الكبد
15 كانون الأول 2025 , 13:08 م


توصل علماء روس إلى اكتشاف علمي مهم يفسّر لماذا تُستخدم بعض الأحماض الصفراوية في علاج أمراض الكبد، بينما تسبب أحماض أخرى أضرارا خلوية خطيرة، ويكمن السر في البنية الجزيئية لكل حمض صفراوي وتأثيرها المباشر على الميتوكوندريا، وهي “محطات الطاقة” داخل الخلايا.

العلاقة بين الأحماض الصفراوية والميتوكوندريا

أوضح باحثون من جامعة ماري الحكومية (МарГУ) أن طريقة تأثير الأحماض الصفراوية على الميتوكوندريا تعتمد بشكل أساسي على تركيبها الجزيئي. وقد أعلن عن هذه النتائج الصندوق العلمي الروسي.

الميتوكوندريا مسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الخلية، وأي خلل في عملها قد يؤدي إلى تلف الخلايا، خصوصًا خلايا الكبد.

كيف أُجريت الدراسة؟

أجرى الباحثون تجارب مخبرية على ميتوكوندريا معزولة من كبد الجرذان، حيث:

تم وضع الميتوكوندريا في محاليل تحاكي البيئة الداخلية للخلية.

أُضيفت أنواع مختلفة من الأحماض الصفراوية، وهي:

حمض الكوليك

حمض الكينوديوكسي كوليك

حمض الأورسوديوكسي كوليك

حمض الليثوكوليك

ثم تمت مراقبة التغيرات في نشاط الميتوكوندريا وإنتاج الطاقة.

الخصائص المنظِّفة وتأثيرها الضار

تشير الخصائص المنظِّفة (Detergent properties) إلى قدرة بعض المواد على تدمير الطبقات الدهنية للأغشية الخلوية، على غرار تأثير الصابون أو المنظفات. هذه الخاصية قد تكون خطيرة عند حدوثها داخل الجسم.

النتائج الرئيسية للدراسة

جميع الأحماض الصفراوية المدروسة، باستثناء حمض الأورسوديوكسي كوليك، أظهرت قدرة على تعطيل عملية الفسفرة التأكسدية.

هذا يعني أن الميتوكوندريا:

تستهلك الأكسجين والمواد الغذائية،

لكنها لا تنتج طاقة مفيدة (ATP)،

بل تتحول الطاقة إلى حرارة مهدورة.

في المقابل، أظهرت جميع الأحماض الصفراوية، بما فيها الأورسوديوكسي كوليك، خصائص مضادة للأكسدة.

الميتوكوندريا المعالجة بهذه الأحماض أنتجت كميات أقل من بيروكسيد الهيدروجين، وهو مركب قد يسبب تلفًا خلويًا عند زيادته.

لماذا يُعد حمض الأورسوديوكسي كوليك أكثر أمانا؟

عند مقارنة البنية الجزيئية للأحماض الصفراوية، توصل العلماء إلى نتيجة حاسمة:

موضع مجموعات الهيدروكسيل داخل الجزيء هو العامل الأساسي الذي يحدد شدة التأثير على الميتوكوندريا.

في حمض الأورسوديوكسي كوليك، تقع هذه المجموعات على السطح الكاره للماء (β-surface).

هذه البنية:

تقلل الخصائص المنظِّفة،

تمنع تلف الأغشية الخلوية،

تفسر غياب التأثير التخريبي على الميتوكوندريا.

ولهذا السبب يُستخدم هذا الحمض طبيا كـ واقٍ للكبد (Hepatoprotector)، على عكس أحماض صفراوية طبيعية أخرى قد تكون سامة.

آفاق طبية واعدة

بحسب الدكتور فيكتور سامارتسيف، أستاذ الكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الخلوي في جامعة ماري الحكومية:

تمثل هذه النتائج خريطة طريق واضحة لعلماء الأدوية، إذ يمكن من خلال تعديل البنية الجزيئية للأحماض الصفراوية تقليل خصائصها الضارة وتعزيز تأثيرها الوقائي.

وستسهم هذه المعطيات في تطوير:

أدوية أكثر أمانا وفعالية

علاجات حديثة لأمراض الكبد مثل:

الركود الصفراوي (Cholestasis)،

مرض الكبد الدهني غير الكحولي.

تكشف هذه الدراسة أن الفارق بين الدواء والسم قد يكمن في ترتيب ذرات داخل الجزيء الواحد. ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام جيل جديد من العلاجات التي تحسّن جودة حياة مرضى الكبد المزمنين اعتمادا على علم دقيق بالبنية الجزيئية.

المصدر: Journal of Bioenergetics and Biomembranes