الكشف عن تأثير خيبة الأمل في كيمياء الدماغ
دراسات و أبحاث
الكشف عن تأثير خيبة الأمل في كيمياء الدماغ
19 كانون الأول 2025 , 12:38 م

توصل علماء من معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا إلى أن الشعور بخيبة الأمل لا يؤثر فقط في الحالة النفسية، بل يؤدي أيضا إلى تغيّرات كيميائية ملموسة داخل الدماغ . وأظهرت الدراسة أن هذه الحالة تحفّز إفراز الناقل العصبي الأستيل كولين، وهو عنصر أساسي في تنظيم السلوك والمرونة العصبية.

ونُشرت نتائج البحث في مجلة Nature Communications العلمية.

دور الأستيل كولين في التكيف السلوكي

أوضح الباحثون أن تكيّف الدماغ مع المواقف الجديدة أو غير المتوقعة يُعد عملية معقدة من الناحية العصبية. وتشير دراسات سابقة إلى أن الخلايا العصبية البينية الكولينية، وهي خلايا تفرز الأستيل كولين، تلعب دورا محوريا في دعم المرونة السلوكية واتخاذ القرارات.

وفي هذا السياق، قال البروفيسور جيفري ويكنز، المشارك في الدراسة، إن هذه الخلايا تساعد الدماغ على إعادة تقييم المواقف وتعديل السلوك استجابة للتغيرات المفاجئة.

تجربة مخبرية تكشف استجابة الدماغ لخيبة الأمل

ضمن إطار التجربة، قام العلماء بتدريب فئران على التنقل داخل متاهة افتراضية، حيث تم إرشادها إلى الطريق الصحيح للحصول على مكافأة غذائية. وبعد أن تعلّمت الفئران المسار، قام الباحثون بتغييره بشكل مفاجئ، مما أدى إلى شعور الفئران بخيبة الأمل نتيجة فقدان المكافأة المتوقعة.

وتمت مراقبة نشاط الدماغ باستخدام المجهر ثنائي الفوتون، وهي تقنية متقدمة تتيح تتبع التغيرات العصبية بدقة عالية.

زيادة ملحوظة في إفراز ناقل عصبي مهم

أظهرت النتائج أنه على المستوى العصبي، حدثت زيادة كبيرة في إفراز الأستيل كولين في مناطق محددة من الدماغ عقب تجربة خيبة الأمل، كما لوحظ أن الفئران أظهرت ما يُعرف بـ«سلوك الخسارة»، حيث غيّرت خياراتها داخل المتاهة بعد فشلها في الحصول على المكافأة.

وأكد الباحثون أن هذه الاستجابة العصبية تساعد الكائن الحي على التوقف عن تكرار السلوك غير المجدي والبحث عن بدائل أكثر فاعلية.

لماذا لا ينسى الدماغ التجارب السابقة؟

رغم الزيادة العامة في إفراز الأستيل كولين، لاحظ العلماء أن بعض المناطق الصغيرة من الخلايا العصبية لم تشهد تغيّرا في نشاطها. ويرجح الباحثون أن هذه الآلية تسمح للدماغ بالاحتفاظ بالمعلومات السابقة حول المسارات الصحيحة، بحيث لا يتم فقدان الخبرات المكتسبة، بل الاحتفاظ بها في حال تغيّرت الظروف مجددا.

أهمية النتائج لفهم السلوك البشري

تشير الدراسة إلى أن هذه المرونة السلوكية تلعب دورا مهما لدى الإنسان، إذ تساعده على:

التخلي عن العادات الضارة

التوقف عن إهدار الطاقة في محاولات غير مجدية

الانتباه إلى المخاطر المحتملة والتصرف بحذر

انعكاسات طبية على علاج الاضطرابات النفسية

أوضح البروفيسور ويكنز أن مستويات الأستيل كولين تتغير غالبا أثناء علاج اضطرابات عصبية ونفسية مثل مرض باركنسون والفصام، لذلك فإن فهم الدور الدقيق لهذا الناقل العصبي يُعد خطوة أساسية نحو تطوير علاجات أكثر فاعلية لمجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية والعصبية.

المصدر: مجلة Nature Communications