كتب حليم خاتون:
مِن المعروف عادة أن هناك تلازما بين حالتي الطرَش والخرس عند من يبتليهم الله بإحدى هاتين الآفتين.
لكن في المدة الأخيرة، توصل العلم إلى اكتشاف فايروس جديد قديم، قِدَم
جلوس اول حاكم على كرسي حكم؛ فايروس، يهاجم طبلة الأذن ويطيل لسان التبرير الكاذب.
وكما هو معروف أيضا وأيضا، أن عالم الفايروس موجود في الطبيعة منذ خلق الله الأكوان وقال لها كوني فكانت.
أمّا لماذا تفتك بعض أنواع الفايروس بالبشر، فحسب كل المعطيات، هذا ناتج أساسا، عن افتراء الإنسان على الطبيعة ومكوناتها وكائناتها.
لقد خلق الله الإنسان وسخّر له من الماء والنبات وبعض الحيوان ما يكفي ليعيش على هذه الأرض بسلام دون أن يتأذّى أو يؤذي.
ولكن الإنسان، منذ آدم وحواء، لم يستطع سوى تخريب ما خلقه الله.
تارة هو يلعب بالتركيب الجيني للنبات والحيوان ليزيد الإنتاج، فتزيد الارباح، وتارة أخرى ينتقل بين أكل الخفافيش والعقارب والحشرات وربما الذباب أيضا، وبين تطوير التكنولوجيا ليس فقط من أجل أسلحة أكثر فتكا، بل أيضا من أجل راحة عصرية في الكهرباء والإتصالات والمواصلات، لا نلبث أن نكتشف أنها تحرق ابو "اللًي خلّفنا" إلى درجة الإبادة.
كل هذه المقدمة، هي فقط لمعرفة مصدر فايروس طَرَش ذوي الحُظوة ممن يتحكّمون بمصير مساكين الناس.
ولكي لا نبتعد كثيرا،
هؤلاء كانوا موجودين منذ وُجد الناس والحكّام وطبقات المجتمع.
الوزير وزني، قبل أن يصبح وزيرا، كان ناطقا بالمنطق، لانه أساسا يستمع ويقرأ ويجري أبحاثا؛ ولطالما حفظتُ link مقابلاته لمتابعتها لاحقا.
منذ أن ابتلانا الله بحكومة حسّان دياب (وحسان دياب منها براء) لإسكات الناس وترويضهم، وكان الوزير وزني أحد فرسان هذه الوزارة، أُصيب وزير
المالية بعدة فايروسات في آن معا.
فايروس الطَرَش عن هموم الناس وفقدان المنطق بالإصلاح... كل هذا
مترافق مع حساسية مُرهفة لشعور الفاسدين من ناهبي المال العام.
ما إن تتكلم المصارف أو
طبقة ال0.85٪ من اللبنانيين، حتى تعود طبلتي أذني الوزير إلى العمل بكفاءة تصل إلى 99٪.
منذ بضعة أشهر، استطاع الوزير وزني مع النائب ابراهيم كنعان، إجهاض نصف مشروع حل للأزمة المالية، خدمة لجمعية المصارف المصون.
اليوم يريد الوزير وزني بيع أملاك الدولة العقارية دون أن نعرف لماذا ولمَن
وعلى أي أسس.
كان الأجدر بالوزير وزني أن يطلب جردة لأملاك أصحاب المصارف والمقاولين ورجال الحكم الذين لم يتركوا على شجرة الدولة لا أخضر ولا يابسا.
المفروض، وبعد جردة أملاك هؤلاء "النبلاء" من أصحاب الدم الازرق، أن يستدعيهم وزير المال ويفرض عليهم إعادة كل قرش سطوا عليه.
حتى لو فرضنا أن المصارف أسلفت الحكومات، فهذه مسؤليتها، فكيف ونحن نعرف اليوم أنهم كانوا يستدينون من المصرف المركزي بفائدة تقارب الصفر في المئة، ثم يعيدون إقراض نفس هذه المبالغ بأكثر من ثلاثين في المئة ولنفس المصرف المركزي في ما سُمي زورا هندسات مالية، هي بالفعل، نهب وسرقة مُقوننة عجز عن ابتكارها حتى تاجر البندقية المُرابي.
بين وزير المالية ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وحاكم هذا المصرف
ضاعت حقائق رغم وضوحها وضوح الشمس.
هل الدولة مُفلسة؟
الدول لا تُفلِس إذا تمت إدارتها كما يجب أن تُدار الدول.
الوزير وزني لا يريد، بسبب فايروس الطَرش، أن يسمع كيف يُمكن إعادة كل المنهوب، وكيف يمكن إعادة تكوين رأس مال المصرف المركزي دون بيع سنتميتر واحد من أملاك الدولة.
هل استمع الوزير يوما، أو هل قرأ كتابات الاستاذ محمد زبيب مثلا؟.
حتى لو فرضنا جدلا، أن هناك مصلحة للدولة لبيع بعض ممتلكاتها، هل يستطيع الوزير إحاطتنا علما بالضوابط التي تمنع إعادة تمويل جهاز الفساد العام المسيطر على كل مفاصل هذا البلد؟
ثم، ولمنع بيع البلد لأمراء النفط من أزلام اميريكا، هل يستطيع حضرة الوزير
منع البيع لغير اللبنانيين؟
ولمنع الإحتكار، هل وضع قانون تحديد الحدّ الأقصى للأسهم التي يستطيع الفرد تملكها، أم سوف نجد أنفسنا أمام أمراء الأملاك البحرية وقد سطوا على هذه الاملاك دون دفع كل المُتَرَتبات السابقة، فنكون أمام حالة وضع أيدي الفاسدين على ما تبقّى من مقدرات الدولة.
عندما احتاجت الدولة في بريطانيا وفرنسا، قامت بتأميم المصارف المُتعثًرة للمحافظة على أموال المودعين.
وبعدما أعادت هيكلة هذه المصارف، قامت ببيعها للمودعين بأسعار تشجيعية لتعويضهم عن الخسائر بعد أن حدّدت عدد الأسهم لكل مودع، امّا ما تبقى فقد بيع للجمهور العام في البورصة.
عندما احتاجت الدولة في فرنسا، رفعت الضرائب من 49٪، كما هو الحال في كل اوروبا، إلى 75٪ لكل من يزيد مدخوله السنوي عن مليون يورو، في الوقت الذي رفض أحد أقرباء السنيورة من مقاولي البناء دفع مئة ألف دولار بعد أن باع شقق بنائه على الرملة البيضاء رغم أن ربحه في كل شقة زاد عن ملايين الدولارات.
هل سوف يستقيم وضع البلد؟
إنه حلم إبليس في الجنة.
ماذا عن نواب ووزراء المقاومة؟
هل سوف يذهبون إلى القضاء الأعرج الأعمى؟