كتب الاستاذ حليم خاتون:
عندما تحدّث الحبر الأعظم عن غنى لبنان الروحي وتعدديته، نسي أن هذا الوطن الصغير يختصر كل الشرق الذي، ومنذ أكثر من ألف عام، يتعرض لمذابح لا تُعدّ ولا تُحصى، مذابح لا تفهم أن كل البشر يستحقون الحماية.
عندما يحصر البابا حديثه في مسيحي لبنان، ولا ينبت ببنت شفة عن مسيحيي كل هذا الشرق الذين تعرضوا ولا زالوا يتعرضون لإحدى أهم مخططات التهجير والترانسفير على أيدي قوى يخشى حتى رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم من تسميتها وفضح مخططاتها؛ عندها، لا يكون البابا على خطى السيد المسيح الذي اندفع إلى الهيكل يحطم رموز ظلم من أتى هو إلى هذه الدنيا لأجلهم.
عندما يقتصر حديث البابا على جزء من أقلية واحدة في هذا الشرق، ولا ينبت ببنت شفة عن سائر الأقليات العرقية والدينية والتي تنحدر من حضارات تعاقبت على هذا الشرق منذ آلاف السنين، فإن الحبر الأعظم لا يكون على خطى السيد المسيح الذي إنما أتى وسوف يعود مخلًصا للمستضعفين والمظلومين من بين براثن من يعرفهم البابا جيدا، ويحجم عن تسميتهم.
هل البابا مذنب في حق هذا الشرق، أم هم أولياء أمور هذه المنطقة لا يخبرونه بما يجب إخباره
البابا الآتي من بلاد الارجنتين البعيدة جدا عن هذا الشرق، قد لا يعرف الكثير عن تاريخ وحضارات توالت حتى صار الشرق ما هو عليه اليوم.
لكن ماذا عن رجال دين هذا الشرق من أصغر قسيس أو شيخ الى سائر البطاركة والمطارنة والمفتين؟
الكاردينال الراعي، وهو أعلى سلطة كنسية للموارنة في هذا الشرق.
هل ذهب البطرك الراعي يوما إلى الفاتيكان ليطالب
بحقوق مسيحيي فلسطين
عامة، وموارنتهم القابعين تحت احتلال استعماري استيطاني لا يختلف عن النازية والفاشية في شيء.
هل يستطيع الكاردينال الراعي تسمية القوى الحقيقية الوحيدة التي حملت السلاح وقاتلت في سوريا والعراق لمنع ذبح المسيحيين.
في الوقت الذي كان فيه الفاتيكان صامتا لا يفعل شيئا، وكان بعض اتباعها في لبنان يتحدثون عن النأي بالنفس عما يجري من مذابح في سوريا، كان
شباب مؤمن من المقاومة يضحّون بأرواحهم لمنع هدم المساجد والكنائس، ولحماية قرى وبلدات، هي آخر ما تبقّى من أحفاد الحضارة المسيحية الأولى.
عندما تحدّث الحبر الأعظم عن غنى لبنان الروحي وتعدديته، نسي أن هذا الوطن الصغير يختصر كل الشرق الذي، ومنذ أكثر من ألف عام، يتعرض لمذابح لا تُعدّ ولا تُحصى، مذابح لا تفهم أن كل البشر يستحقون الحماية.
دعوة الكاردينال الراعي، ومعها ما قاله بابا روما، يجب أن يكون مؤتمرا دوليا لحماية كل أقليات هذا الشرق.
لبنان هو جزء صغير من الشرق، ولكن لا يستطيع اختزال كل روعة تعددية هذا الشرق.
لم يأت السيد المسيح، ولم تأتي الرُسُل من أجل شعب واحد أو عرق واحد.
إذا أراد الكاردينال الإنسجام التام مع الدعوة الرسالية للسيد المسيح، فالمطلوب هو مجموعة مؤتمرات تنتهي بمؤتمر واحد يضع حدّا للإستمرار في استباحة موروثات هذا الشرق الثقافية والروحية.
ألا تقول المسيحية أن كل البشر هم أبناء الله، بالمعنى الروحي للكلمة طبعا.
يستوي في هذا الإخاء كل المظلومين والضحايا لبنانيا كان أم شاميا أم عراقيا أم يمنيا ام كرديا أو أرمنيا.... واللائحة لا، ولن تنتهي...
المطلوب ويستفاليا تنقذ الشرق وكل أبناء هذا الشرق وأبناء الإنسانية من الظالمين المحليين والدوليين، الذين يعرفهم جيدا، الحبر الأعظم والكاردينال الراعي.