كتب الأستاذ حليم خاتون:
أمس تبرّع حزب الله ب600 مليون ليرة لمستشفى بعلبك الحكومي
أكيد، يجب الوقوف مع اهلنا في بعلبك، حيث، وكما أضاف تلفزيون المنار، يخدم هذا المستشفى مئات الآلاف من العائلات في المنطقة.
ثم إن مدينة بعلبك، ليس فيها متمولون من المغتربين، على ما يُعتقد، من أمثال المرحومين جدا، "جو" بيك حمّود، أو الحاج جواد رضا، أو ربما "الحاج"
و"المُحسن الكبير" علي الجمّال... وغيرهم...
وفي نفس نشرة المساء، خرج علينا أحد مسؤولي إحدى محطات الأمانة لبيع المحروقات...
خرج يشتكي الظلم الذي تتعرض له " محطات بيئة معينة" في توزيع المحروقات"... كاد الدمع يتدفق من الأعين، ولولا
"القلّة" التي تعاني منها الناس، لربما كانوا اندفعوا للتبرع بما عندهم من محروقات حتى يمشي حال المحطة...
لم نسمع شيئا من محطات الأيتام.
أكيد، هم يعانون أيضا...
من المفهوم طبعا أن يشتكي الناس، فهم، بمعظمهم "على قدِّ الحال"
لكن أن تشتكي شركات، مزروعة منذ عشرات السنين في السوق، ولم تفكر يوما بالتحرّر من سلطة وليد جنبلاط والبساتنة على أسواق المحروقات والغاز واحتكارهم لهذا السوق... فهذا قمة التعاسة...
ما ينطبق على سوق المحروقات، ينطبق على أسواق كثيرة أخرى...
لا يتوقف الغزل يوما بصناعة السيارات في إيران، والكثير من بيئة المقاومة "يصرّون!!!" على رفض تفضيل الGMC عليها!؟!؟
ما يُقال عن سوق السيارات، يُقال أيضاً عن أسواق الكثير من السلع الأخرى...
كل التقارير، تضع شركة نستلة على لائحة المساندين لإسرائيل، والNescaffe وحليب الNido لا تتوقف
اسعارها عن التحليق كما الكثير من المواد المُسيطر على سوقها من قبل احتكارات محمية من أحزاب وسياسيين هم أصل بلائنا... ولهذا وضعها رياض سلامة مع الcoffeemate، ضمن لائحة الدعم.
ماليزيا، اندونيسيا، تركيا، وعشرات البلاد تُنتج ما يماثل هذه البضائع المُحتكرة بالجودة والاسعار...
وتجارنا الأشاوس، مسرورون بالخضوع لإملاءات شركات الِاحتكار.
عندما تجرأ أحد الإخوة
من مغتربي أفريقيا في التسعينيات على الإستيراد، قامت مافيا الأجبان مثلا، بالحجز على بضاعته حتى كادت تتلف، لولا أن صاحبنا اتصل بحركة أمل للمساعدة، والتي توصلت معه إلى الحل التالي:
مافيا الجبنة سوف تشتري منه الكمية، على أن يتعهد بأن لا يعيد الكرّة.
وعندما ذهب صاحبنا لأخذ الشيك، سمع الكلام التالي:
هذه المرّة، أخذنا البضاعة إكراما للرئيس برّي...
المرّة القادمة سترميها في البحر للأسماك...
"شحّاذين يا بلدنا، قالوا عنّا، شحّاذين"...
"مساطيل يا بلدنا، نحنا قرطةمساطيل..."
حسناً، وقع البلد.
ونحن وقعنا.
إلى متى الخضوع لهذه الِاحتكارات!؟!؟
يقول رياض سلامة: إنّ الناس تنام على أسرّة، تحتها 3 إلى 7 مليار دولار...
يقول رياض سلامة: إنّ ما يدخل إلى الناس من الخارج، يفوق سنويا ال3 إلى 4 مليار دولار...
لذلك يقوم حضرته كل فترة بطباعة تريليونات من ورق الحمّام، يضع عليها صُوَر وأختام للضحك على البسطاء ونهبهم عبر دفع الدولار إلى أعلى وإغرائهم بالصرف...
هل سمع أحدكم بالرئيس الماليزي... مهاتير محمد؟
كان الطفل مهاتير يذهب يوميا مشيا على الأقدام من قريته إلى المدرسة في البلدة المجاورة...
طلب يوما من والده شراء دراجة حتى لا يقضي ساعات على الطريق... لكن
فقر العائلة، كما فقر ماليزيا
ما كان يسمح بطلب الرفاهية هذا....
كَبِر مهاتير، وصار طبيبا يقود دراجته ويزور القرى لمعالجة المرضى من فقراء الريف.
ذاع صيته إلى درجة أن الناس رجته الترشح للِانتخابات.
أسّس حزباً، وفاز بالأغلبية، وصار رئيساً للوزارة.
عرف كما الكثير من الماليزيين قصة رفض الِاتحاد الماليزي لانضمام سنغافورة الفقيرة جداً، والعائمة فوق مستنقعات البعوض، إليهم...
كان الله قد أنعم على سنغافورة برئيس خاطب شعبه قائلا،
نحن فقراء جداً... بريطانيا تخلّت عنا، وماليزيا رفضت ضمّنا إليها، علينا الاعتماد على أنفسنا...وإلا متنا جوعاً وعطشا...
نظر مهاتير إلى ما فعله هذا الرئيس المعُجزة.
كانت سنغافورة قد صارت مثلا يُحتذى.
تفوقت بغناها على إمارات الموز الخليجية..
لم يكن مهاتير محمد يعرف اللص الدولي، رفيق الحريري.
رحم الله ماليزيا لأن
مهاتير لم يذهب إلى السعودية، ولم يُصب بلوثتها...
خلال بضع سنين، استطاع مهاتير إعادة إنتاج المعجزة السنغافورية في ماليزيا.
بعد أن اطمأن إلى ذلك الإنجاز، تقاعد، وسلّم السلطة إلى حزبه الذي انتخب رئيساً جديداً يحمل الأمانة!!!!!!!!!!...
بضع سنين كانت كافية لكي نرى ساداتاً أو مباركاً ماليزياً يحوِّل حزب مهاتير إلى خلية فساد تشبه ما يوجد عندنا اليوم في لبنان.
كان مهاتير قد استقال من الحزب وصار يهاجمه على
الموبقات التي سيطرت على كل خلاياه...
كان قد بلغ التسعين من عمره، حين اتصلت به المعارضة التي لطالما حاربته وهو في السلطة..
قالوا له، انت بنيت هذا الحزب، والكثيرون فيه، لا زالوا يحبونك....
نحن بحاجة إليك، ورغم معارضتك سابقا، نعترف أنّك الوحيد القادر على وضع حدٍّ لما يجري...
نحن ندعم ترشيحك لرئاسة الحكومة....
عاد مهاتير بعد نصر ساحق...
أقفل كل الحدود وأصدر الأمر إلى الأجهزة بالتحرك...
تبين بعد مذكرة تفتيش منزل الرئيس الفاسد أن في بيته، عشرات الملايين من الدولارات نقداً،إضافة إلى مجوهرات ومقتنيات
بعدة ملايين أخرى...
نفس الأمر حصل مع الوزراء والنواب والقضاة والقيادات الأمنية...
هذه ليست قصة خيالية، هذه قصة برسم من يجب أن يسمعوا ويقرأوا ويفتحواالأعين ليروا...
هذا إذا لم تكن لوثة الحريري قد وصلت إلى قلوبهم...
عندما استلم اندروبوف السلطة في الِاتحاد السوفياتي، وصلته إثباتات أن وزير الصيد البحري كان على رأس مافيا، تشحن الكافيار إلى اليابان في معلبات على أنها سردين...
كان اليابانيون يضعون الملايين في حسابه في سويسرا...
أرسل اندروبوف في اعتقاله، وحُوكم محاكمة ميدانية انتهت بإعدامه ومصادرة كل ممتلكاته...
لو أسست أنا شركة لاستيراد النفط، أو غيره، لن يُخرِج أصحاب الدولارات قرشاً أبيضَ لاستثماره معي...ومعهم بالتأكيد كل الحق، فهم لا يعرفونني...
كما وثَقَت الناس بالقرض الحسن، أكيد سوف تثق بمن يستطيع امتلاك نفس المرجعية.
بدل أن تظل الدولارات مدفونة تخرج بين الحين والآخر، ليضع رياض سلامة يده عليها، يتم تأسيس شركات تجارية وصناعية وزراعية، في بورصة من الأسهم...
الناس تستفيد، والبلد يستفيد...
الفقراء يجدون عملا، والمزارعون ينتجون قوتهم وقوت الناس من سهول وجبال لبنان...
ألم يكن البقاع مستودع أهراءات روما؟
ألم تسبقنا الوكالة اليهودية في إنشاء الكيبوتزات...
في السابق، كنت أقول لمحاوريّ: إنّ أوروبا متقدمة، لأنها حصلت على المليارات في مشروع مارشال الأمريكي لإعادة الإعمار...
كنت أقول لهم: إنّ إسرائيل متقدمة لأنها تحصل على أربعة أو خمسة مليارات دولار أو ربما أكثر...سنويا
كنت أقول لهم: إنّ هكذا مبالغ تستطيع تحويل بلاد الماو ماو إلى موناكو...
إلى أن اكتشفت أن العربان صرفوا أكثر من تريليون دولار لتدمير سوريا...
وانهم استثمروا في الحرب العراقية الإيرانية مئات مليارات الدولارات قبل أن يقدًموا لتدمير العراق مئات أخرى..
وانهم صرفوا حتى اليوم أكثر من 700 مليار دولار لتدمير اليمن...
ولا زالوا خدماً وعبيد اًو ينحنون لأصغر حذاء اميريكي...
سكتّ، وبلعت لساني حين علمت أن عصابة رفيق الحريري وشركائه
أنفقوا أكثر من 300 مليار دولار، لكي ننهض كل صباح ونمجد الرب ونشكره لانه منّ علينا، وأرسل إلينا هذه الكلاب الداشرة تقودنا الى الجحيم ....الجحيم
الذي نستحقه بكل جدارة..
"ويل لأمة تأكل مما لا تنتج،
وتلبس مما لا تنسج..."