تبدو الفكرة غريبة للوهلة الأولى او ربما مستبعدة ولكن لكل فكرة مؤشرات لحدوثها تدلل على امكانية ان تصبح واقعا او مؤشرات لنفيها.
ما يؤشر على امكانية قيام محمد دحلان تشكيل حركة التحرر الوطني الفلسطيني في قطاع غزة كفصيل (مستقل بقيادته وقواعده) ولا يرتبط تنظيميا مع حركة فتح الام تؤشر اليه وقائع على الارض تدعم هذه الفكره.
لقد جاء مؤتمر حركة فتح السابع الذي عقد في رام الله الشعرة التي قسمت ظهر البعير حيث اعلن المؤتمر الطلاق البائن مع محمد دحلان وكل من ناصره او احتفظ بعلاقة معه او مجرد ان فكر بذلك حيث تم استبعادهم من المؤتمر وجرد محمد دحلان من كل صفاته التنظيمية ليضع حدا للخلاف القائم بين الرئيس عباس ومحمد دحلان ويقطع الطريق امام محاولات الاخير يفتح طريق المصالحة عن طريق اللجنة الرباعية العربية التي حاولت وحتى اللحظة الاخيرة من انعقاد المؤتمر تأجيل انعقاده لاعطاء الفرصة لجهود المصالحة الا ان الرئيس عباس رفض الضغوطات التي مورست عليه وطار الى قطر في زيارة سريعة فهم منها لجوئه الى الدوحة لتسهيل عقد المؤتمر مع حكومة العدو الصهيوني الذي استجاب لهذا الطلب وهنا يطرح سؤال ملح نفسه ما هو الثمن او الاثمان التي دفعت مقابل ذلك؟،
اعتقد ان كل طرف من اطراف المعادلة قدم تنازلات او تعهدات بالتنازل لتحقيق غاياته فالرئيس عباس لا يمكنه ان يقف في وجه تهديدات اللجنة العربية الرباعية دون ان يحصل على دعم صهيوني/قطري مقابل تنازله عن ملفات هامة عالقة وهي القدس واللاجئين مقابل دعم سياسي ومالي لسلطته وان يتوقف الكيان الصهيوني عن محاولاته تقويض سلطة عباس والبحث عن بدائل لها مثل روابط المدن وغيرها من الاطر البديلة و يغطي ما تم فقدانه من دول الرباعية العربية اضافة الى مجموعة من الترتيبات الامنية التي تعهد بها ابو مازن مثل حرمان ابو العنيين ومقدح من عضوية المؤتمر ورفع مستوى التنسيق الامني للدرجة القصوى بحيث تتعهد الاجهزة الامنية بحماية امن الكيان الصهيوني وقطعان مستوطنيه واعتقال ومحاكمة كل من يخالف ذلك وتحويل حركة فتح من فصيل مقاتل الى جيش من الكتبة والمستوزرين والفاسدين يشكلون الهيكلية الادارية للسلطة
على ضوء هذه الترتيبات ضمن الرئيس عباس استمرار سلطته وضمن الدعم الصهيوني/القطري لها واعني بالدعم القطري هنا ليس المالي فقط وانما دور قطر في الضغط على حماس وسلطة غزة لوقف الدعم ووقف التسهيلات التي تقدمها لمحمد دحلان والتي اسهمت في خلق قاعدة شعبية غزاوية له(تقديم المعونات المالية من دولة الامارات/تسهيل فتح المعبر/تسهيل حركة زوجة دحلان في القطاع وغيرها من اشكال الدعم).ولكن اين دور دحلان هنا وهل تم الاستغناء عن خدماته عند الداعمين العرب والكيان الصهيوني كما فعل عباس؟ الاجابة بالنفي طبعا بل يتم تجهيز دور لدحلان لا يقل خطورة عن دور سلطة رام الله.
ربما السيناريو يبدو غريبا ولكن ممكنا فدحلان يمتلك قاعدة قوية في قطاع غزة ولديه كوادر فتحاوية تعمل ليل نهار لاسقاط سلطة ابو مازن بعلم وموافقة حكومة حماس وترفع شعار توحيد صفوف الحركه وعودة محمد دحلان حتى وقت ليس بالبعيد ولكن خطوة ابو مازن بعقد مؤتمر فتح واستبعاد اي معارض له مؤيدا لدحلان او غير مؤيد وضع كوادر فتح الغزاويه المناصرة لدحلان امام خيارات صعبه اما تأييد عباس والعودة الى صفوف الحركة وهذا ما لا يوافق عليه ولا يرغب به ابو مازن لشكوكه بولائها والخيار الثاني الانكفاء وترك الحركة اوالالتحاق باحدى الفصائل والخيار الثالث تشكيل حركة فتح في غزة بقيادة محمد دحلان تجمع كل المؤيدين له والمعارضين لابو مازن والغاضبين من ابناء الحركة من اجراءات وترتيبات المؤتمر السابع الذي يعتبره حتى مناصرو عباس بانه ظلم غزة وهذا ما ارجحه على الاقل ضمن المعطيات المتوفرة.
ان محمد دحلان شخصية سياسية وقياديه فتحاويه لها ثقلها في اوساط ابناء الحركة في كل الساحات وهو كان من دوائر القرار السياسي الفلسطيني وقريب من ابو عمار وبعدها ابو مازن وكان المرشح الاكثر حظا بخلافته وله وزن و ثقل في قطاع غزة لدوره في جلب المساعدات الخليجية وتحديدا الاماراتية للقطاع والتي تتولى زوجته توزيعها تحت عِلم وتسهيل من حكومة حماس والكيان اضافة لدور مصر في دعمه عبر توسطه لفتح المعبر وتسهيل حركة الاهالي والطلاب وتحصيل منح طلابية لطلاب غزة وتوفير لقاح كرونا لاهالي القطاع والاهم من كل ذلك علاقته المتوازنه مع حركة حماس لالتقائه معها برفض عباس وسلطته،،، ان شخصية كهذه تلقى دعم فلسطيني عربي(تحديدا دول الرباعية العربيه)/صهيوني باعتباره عراب للتسوية القادمة كل هذه المواصفات لن تضع محمد دحلان في خانة الصفر بل ستدفعه الى تحدي قرار ابو مازن بمحاصرته الى تشكيل حركة رديفه في غزة ستحظى بتقديري الى دعم عربي وصهيوني باعتبارها فتح القطاع ونكون امام اطارين فتحاويين فتح غزه وفتح رام الله.
ان هذا السيناريو في حال حدوثه( ويبدو انه قريب بعد بداية عودة قادة من تيار دحلان الى غزة اليوم) سيكون له ارتدادات سياسيه عميقة اولها انه يعزز الانقسام الجيوسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ويفتح الطريق واسعا امام مزيدا من التنازلات من كافة الاطراف .