كتب الأستاذ حليم خاتون:
توزيع الخسائر...
لكن على عامة الناس...
ليست ليلى عبداللطيف من قالت إن خسائر القطاع المصرفي هو بين 50 إلى 80 مليار دولار..
لقد حصل خلاف كبير في تقدير هذه الخسائر بين المصارف وجمعيتهم من جهة، وحكومة حسان دياب من جهة أخرى...
قد تختلف تقديرات مبالغ الخسائر، لكن الأكيد أن الخسائر وقعت.
حكومة دياب حمّلت المصارف مسؤولية الخسائر.
المصارف حمّلت الدولة المسؤولية بحجّة أن حكومات ما بعد الطائف،
أي منذ ثلاثة عقود إلى اليوم، هي التي استدانت
هذه المليارات.
للوهلة الأولى، يُصدق المواطن حجّة المصارف بالخلط بين الدولة اللبنانية والحكومات...
في علم الإقتصاد السياسي، وفي اللغة العربية، وفي كل اللغات،
هناك فرق كبير بين كلمتي
الدولة... والسلطة؛ ولو لم يكن هناك فرق، لما كانت هناك كلمتان بدل كلمة واحدة.
الدولة هي الكائن الشامل،
بينما السلطة أو النظام أو الحكومات،هي إحدى مكونات الدولة...
الذي استلف المال من المصارف، هو السلطة، وليس إطلاقا، الدولة.
عندما تخلط المصارف المفاهيم بين الدولة والسلطة، هي تفعل ذلك عمدا.
السلطة، هي مكوًن واحد مؤقت يتغير مع الوقت حسب موازين القوّة في المجتمع.
السلطة قد تُفلس حسب الظروف الإجتماعية والإقتصادية.
أما الدولة، فهي تجمّع مكونات، والسلطة ليست إلا إحداها.
الدولة لا تُفلس. الدول لا تُفلس.
الدولة، بالمعنى الإقتصادي، هي نصف إله.
الدولة هي صاحبة كل شيء، وكل روح، وكل كبيرة وصغيرة تتواجد على أرضها...
إفلاس الدولة، يعني ببساطة نهايتها، وانتفائها.
المصارف ليست غبية؛ المصارف تعرف هذا.
لذلك هي تربط المال الذي أقرضته بالدولة، وليس بالسلطة.
عين المصارف، هو على ممتلكات الدولة، وذهبها.
يقول الماركسيون أن رأس المال، لا هوية له؛ بمعنى آخر، رأس المال مستعدّ لتغيير ولائه من دولة إلى أخرى حسب مصالحه.
لذلك، لا تهتم المصارف لمصلحة الدولة.
كل همّها هو في استعادة ما أقرضته للسلطة المُفلسة، حتى لو ادّى ذلك إلى إفلاس الدولة وبالتالي
نهايتها، وانتفائها.
تماما كما يفعل المرابي، الذي يُقرض الولد الطائش المفلس من دون قيد، وعينه على أملاك والد هذا الولد الطائش.وعائلته
السلطة الحاليّة، هي نفسها السلطة التي استلمت البلد كنتيجة لاتفاق الطائف السيء الذكر.
هذه السلطة، كالمصارف، ليست غبيّة.
هي ايضا، عينها على ممتلكات الدولة وذهبها.
هذه السلطة، بكلّ مكوّناتها الحزبية والمذهبية، هي تجمع من الرأسماليين القدامى والجدد؛ وينطبق على وطنيّتهم ما ينطبق على المصارف (رأس المال
لا هوية له).
لذلك، ممكن القول أن هذه السلطة، سواء اعترفت أم لم تعترف، قد قامت وتقوم، كما المصارف، بفعل الخيانة العظمى عبر محاولة الإستيلاء على ممتلكات الدولة ودفعها للإفلاس.
حتى الآن يبدو تسلسل التحليل منطقيا.
لكن المصارف والسلطة معا سوف يصرخان ويقسمان أغلظ القسم بوطنيّتهما والدليل...
الدليل واضح وضوح الشمس... بنظرهما.
هما لا يريدان إفلاس الدولة؛ هما اقتنعا بقول شربل نحاس ودان قزي
بوجوب توزيع الخسائر بين مكوّنات الدولة.
القصّة، هي فقط في كيفية توزيع هذه الخسائر.
في لعبة القط والفأر التي تلعبها السلطة والمصارف،
تجري أكبر عملية "نصب"
في تاريخ الشعوب والدول والإقتصاد.
السلطة تماطل وتُسوًف، بينما تقوم المصارف والمصرف المركزي بعملية "شفط" متتالي لكل دولار موجود في جيوب الناس،
ولكل دولار سوف يأتي من الخارج لدعم الأقارب والأهل، ولكل دولار موجود في ما يُسمّى الإحتياط الإلزامي.
كيف يتم الشفط؟
بكل بساطة، عبر:
1- طباعة الليرة بلا أيّ تغطيّة واستعمال قوّة إبرائها على الأراضي اللبنانية:
المصرف المركزي يطبع.
المصارف والصرّافون يشفطون الدولار بعمليات مبادلة غير عادلة.
السلطة تُغطًي ما يجري عبر المماطلة والتسويف وتشتيت الإنتباه عن نفسها وعن المصارف وأحيانا عن الصرّافين.
الصرّافون الذين يلعبون دور "صبي" الاحياء، تماما كموزعي المخدرات الصغار الذين يعملون لدى ال "Big boss".
2- عمليات هيركات مُنظمة تقوم بها المصارف ويسمسر لها الصرّافون، أيضا بتغطية كاملة من السلطة بمكوناتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع تواطؤ من الكثيرين في السلطة الرابعة الذين باعوا أنفسهم للشيطان.
هكذا وخلال 6 إلى 8 سنوات سوف يتمّ سدّ فجوة الخسائر.
يتمّ توزيع الخسائر بالشكل التالي:
1- السلطة والمصارف ( أقل من 2٪ من اللبنانيين المقيمين والمغتربين)، يتحمّلون 0,0000٪ من الخسائر... ويستمرون في الجلوس على الكراسي... وعلى قلوبنا...
الشعب ( أكثر من 98٪ من اللبنانيين، المقيمين والمغتربين) يتحمّلون
99,999999999999٪
من الخسائر.
هذا ما يجري.
هكذا يتمّ التوزيع العادل للخسائر.
تحية، مجددا، إلى الغنم..