كتب الأستاذ حليم خاتون: آفاق حلّ الأزمة في لبنان..
دراسات و أبحاث
كتب الأستاذ حليم خاتون: آفاق حلّ الأزمة في لبنان.. "لا رأي لمن لا يُطاع"
حليم خاتون
28 نيسان 2021 , 20:29 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:   في سبعة مقالات، قمنا بتناول تركيبة القوى والأحزاب والتيارات اللبنانية في محاولة، بدت يائسة،لإيجادالقوة أو القوى الفاعلة، التي قد تستطيع قيادة مرحلة الخروج من الأزمة و


كتب الأستاذ حليم خاتون:

 

في سبعة مقالات، قمنا بتناول تركيبة القوى والأحزاب والتيارات اللبنانية في محاولة، بدت يائسة،لإيجادالقوة أو القوى الفاعلة، التي قد تستطيع قيادة مرحلة الخروج من الأزمة وإعادة بناء الدولة..

كما أنّ لكل فعل فاعلاً، حتى ولو كان مستترا، لتكتمل الجملة؛ كذلك هو فعل الخروج من الأزمة، يحتاج إلى فاعل،لا يبدو أنه موجود، أو على الأقل، واعِِ لأهمية هذا الفعل... 

"كما تكونون، يُولّى عليكم"

فعل العجز ينطبق على كل القوى السياسية، تماماً كما ينطبق على الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني...الذي يُجَوَّعُ فيقتل بعضُه بعضاً، بدل قتل المجوِّع، السلطةِ المُسبّبةِ لهذا الجوع...

كما لم تنفع كل نظافة وأخلاق الدكتور سليم الحص، في إعادة بناء الدولة، بعد ثماني سنوات من رياء ودجل وكذب زبائنية الحريرية السياسية، بكل أطيافها واحزابها؛ يبدو أن نظافة وأخلاق وسموّ المقاومة، لن ينفع هو أيضا في أي دور 
للخروج من الأزمة وإعادة بناء الدولة..

في أحد آخر لقاءاته، يقول الكاتب جوني منيّر: إنّ طرح المؤتمر التأسيسي فشل محلياً، لأنه ليس مقبولاً لا إقليمياً، ولا دوليا...

لم يكن التحرير مقبولاً، لا إقليمياً، ولا دولياً؛ وبالرغم من ذلك، أنبتت الأرض مقاومةً اقتلعت الِاحتلالَ من معظم لبنان، وهزّت كل أركانه وأركان داعميه...

المسألة تُختصر في إرادةٍ وقرار...

"لا رأي لمن لا يُطاع"

 قالها عليٌّ(ع)، قبل 1400 سنة، في قضية بناء الدولة الفاضلة...وعليٌّ هو من هو...
 رجل دنيا وآخرة...
قدره أن يتواجد في دنيا أقل، بآلاف آلاف المرات، من سمو فكره وسمو الدولة الوحيدة التي يمكنه الحكم فيها:
(جنةالله على الأرض).٠
  
ها هو حزب الله ينفذ هذا القول فعلياً، بفاعلية العجز والشلل عن إمكانية تخطّي الفاسدين، وملاقاة قوى التغيير الموجودة فعلاً على الأرض، والتي تنتظر قيادةً تاريخية، يبدو أنها استقالت من دورها، حتى قبل نشوب المعركة...

إذا كان لعليّ عذر... لأنه أحد ملوك السماء، فليس لحزب الله أي عذر...

حزب الله مُلزم بالقيام بفعلٍ ما، هو فعل القيادة أو فعل العجز.... وحتى الآن، لا تبشِّر الأمور بالخير...

نحن في العالم الثالث، قدرنا، هو عدم التطور الطبيعي من مرحلة العبودية إلى الإقطاع فالرأسمالية....وما بعد الرأسمالية، وصولا  إلى الدولة العادلة القوية..

هذا حصل في الدول المتقدمة، حيث كانت كل مرحلة تنتهي مع حراك أو انتفاضة أو ثورة....الخ، ومع انتهاء كل مرحلة، كانت تُسنّ قوانينُ ودساتيرُ تُنهي قِيَمَ ومفاهيمَ الحَقَبة التي سبقتها،وتُنتِج مستوىً أعلى من القيم والأخلاق...

هكذا أنهى الإقطاع مفاهيم وقيم عصر العبودية، ثم جاءت الرأسمالية لتنهي بدورها قيم ومفاهيم عصر الإقطاع، وتنتج مفاهيمها وأخلاقها التي تختلف من مجتمع إلى آخر، حسب مستوى ارتفاع الرفاه الِاقتصادي...

القيم والمفاهيم والأخلاق هي نتاج البنى التحتية الِاقتصادية للمجتمعات...

عندنا في لبنان، والبلاد العربية، ومعظم بلدان العالم الثالث، لم تجرِ الأمور بهذه السلاسة وهذا الِانتظام؛ فمنظومة القيم والمفاهيم عندنا، تحوي خليطًا من قيم العبودية والإقطاع والرأسمالية المتوحشة...

هل يعني هذا أننا مصابون بلعنةٍ أبديةٍ لِقِلّةِ الأخلاق وانحدار القيم؟

أبداََ!

الصين وكوبا الِاشتراكيتان، وتايوان وكوريا الجنوبية الراسماليتان وكذلك سنغافورة وماليزيا وغيرها، تعمل على تخطّي لعنة ثالثيّة العالم تلك، وتتقدم إلى الأمام...

كل ما احتاجته تلك الأمم، هو قيادات عزمت وتوكلت وانتقلت إلى الفعل، بدل الدوران في حلقاتٍ مفرغةٍ، مع سلطات العجز والفساد واللاأخلاق التي سيطرت عليها، في حقبِِ زمنيةٍ غابرة..

عندما يطلب إيلي الفرزلي من قيادة الجيش أخذ المبادرة، في قيادة فعل الخروج من الأزمة...

عندما يطلب سركيس نعّوم من الجيش وحزب الله القيام بهذاالفعل...

عندما يطالب ثوار كثر، من خارج حزب الله، بأن يتحرك الحزب ويستيقظ...

كل هذا له معنىً واحدٌ فقط... 

البلد بحاجة إلى قائدٍ للسفينة يقودها عبر العواصف والأمواج العاتية...

على كل ذلك، أجاب السيد نصر الله بالجزم الرافض للذهاب الى كمينٍ يُنصَبُ لحزب الله...

وكأن ما حدث في سوريا هو أقل مما يحدث في لبنان...

سوريا كانت بالفعل أخطر كمين مشت إليه المقاومة بعزم وكسّرت كل أعدائها، المحليين والدوليين...

لذلك، يحق للثوار رفض منطق الكمين، ومنطق إخافتنا من الحرب الاهلية، وكأنه يجري تخيير الشعب اللبناني بين السلّة والذلة...

هل يحق للناس الطلب إلى حزب الله القيام بما يجب القيام به، بدل محاولة التوفيق بين أركان الفساد في السلطة...؟

بالطبع، هذا حق الناس على حزبٍ خاض ما خاض من مواجهاتٍ وانتصر... له الحق بالتقاط الأنفاس، لكن عليه واجبات إن هو تقاعس عنها، لن يكون هو وحده الخاسر، ولاالشعب اللبناني وحده، بل كل الأمة، ومعها البشرية أيضا...

هل يحقّ للسيد نصرالله رفض هذه المطالبات...؟

نظرياً، هو حرّ...
هو قالها مباشرة وعلنا... 

قال:
يا أخي، أنا ما بدّي اعمل ثورة...
إذا أنت بدّك، روح اعملها أنت بنفسك...

عندما يذهب حزب الله الى البيت ويقفل على نفسه الأبواب، يكون حراً...

لكنه عندما يبقى في الساحة ويقوم بما يقوم به من عمل إطالة روح هذا النظام... 

عندما يحاول التوفيق بين أركان الفساد...

لا يعود حرّا...

في هذه الحالة، يرتكب الحزب فعل الخطيئة...

من المرفوض التحرك خلف الكواليس...

إذا كان الحزب مقتنعاً بما يقوم به، فليفعل هذا علناً وليتحمّل عواقب ما يفعل..

حزب الله، حزب جماهيري، وليس منظمة مؤامراتية، انقلابية لكي يعمل في الخفاء... وخلف الكواليس....

نحن، شعب المقاومة، نريد أن نعرف كل خطوة يقوم بها الحزب، ومبررات هذه الخطوة...

مستقبل الأمة على المحك...

كل يوم يخرج أكثر من خبير ويقول ما يقول في الأزمة...

هل يمكن التصديق أن الحزب لا يستمع إلى كلِّ هؤلاء الخبراء؟

هل يمكن التصديق أن  الحزب لم يكوِّن لنفسه تصوراً، ولو مبدئياً، للحلّ..؟

لماذا لا يبادر الحزب إلى عقد مؤتمرات اقتصادية سياسية تهدف إلى جمع كل قوى التغيير يميناً ويساراًو وسطاً، بدل التلهِّي  بخزعبلات الحريري وعون وباسيل وباقي أهل السلطة؟

كل واحد منّا يملك تصوراً للحل... فهل يعقل أن الحزب لا زال في طور المراوحة ؟

ساعةً يتمّ الحديث عن الاتجاه شرقا...

وساعة أخرى، يتمّ الحديث عن بناء اقتصاد انتاجي...

كل ساعة يتمّ الحديث عن شيء ما...عن عمل ما... لكن دون فعل أيِ شيء على الإطلاق.... اللهم إلا قرارات السلطة الممعنة في الفساد...

هل يريد الحزب قيادة مرحلة الِانهيار أم الإنقاذ؟

الحزب الذي لم ينتظر إجماعاً في حرب التحرير..

إجماعٌ ما كان بالإمكان أن يتمّ، لأن هكذا إمكانية غير  ممكنة، لا عندنا، ولا عند غيرنا...

رغم هذا قام هذا الحزب بحرب التحرير، وانتصر...

ما بال الحزب اليوم يريد إجماعا للإنقاذ، بمعية كل المتسببين بالانهيار؟؟!

يريد الحزب الإنقاذ مع نفس القوى والشخصيات التي تقوم، كل يوم، بما هو أسوأ من كل الكوابيس التي نراها في اليقظة قبل المنام...

يخاف الحزب من اتخاذ قراراتٍ قد لا تعجب الناس...

يخاف من الفشل...

الدولة اللبنانية، هي شيء آخر، غير السلطة اللبنانية.

الدولة اللبنانية تملك الأرض والقرارات الضريبية.. تملك الأصول، تملك احتياط الذهب، والاحتياط الإلزامي....
تملك الأرض والبشر...
كل يوم يدخل الى لبنان ما بين 15 و20 مليون دولار fresh...

امكانيات القرارات الإنقاذية الحاسمة كبيرة جدا، وتحتاج فقط إلى سلطة جديدة...

كل الحلول المطروحة من قبل الخبراء، مطلوبة بهذا القدر أو ذاك...

يجب القتال على اكثر من جبهة اقتصادية، وفي كل القطاعات...

حزب الله، بمراوحته في الفراغ، يساهم من حيث لا يدري في تحطّم الدولة اللبنانية.

نعم حزب الله يخاف اتخاذ القرارات غير الشعبية والتي لا بد منها...

لكن خوفه هذا يتحول الى إمعانِِ في إسقاط الدولة..

قريبا سوف تقوم السلطات الفاسدة ببيع اصول الدولة... 

قريبا سوف ينفذ الإحتياط الإلزامي..

قريبا سوف يتمّ بيع الذهب... دون طائل...

سوف يجري هذا على أيدي نفس السلطة الفاسدة، وسوف نخسر كل ما نملك دون تحقيق الدولة القوية العادلة...

سوف نخسر كل هذا السلاح الضروري لإعادة بناء الدولة، لأننا لا نزال نسلم رقابنا لنفس السلطة التي أمعنت في كل الموبقات السابقة.

ثم يقول لنا حزب الله إنه يرفض السير الى كمين الحرب الأهلية برجليه!!!...

يمشي الى كمين الإنهيار...
يمشي اعزلَ بينما تتحكم سلطة الفساد بكل السلطات.... فرحةََ لأن الحزب يخاف فسادها ويخاف سطوتها...

مشكلتنا... أن الحزب الذي انتصر في حرب التحرير عصي على الإزاحة من حرب بناء الدولة....

الجماهير المأخوذة بانتصاراته، تتمسك به وتتمسك عبره بالعجز عن إعادة بناء الدولة...

هو لا يريد الفعل...
هو غارق في العجز...
 والجماهير غارقة معه...

عجز على عجز على عجز هو مجرد مراكمة الأصفار..

كما أن الصفر + الصفر = صفرا...
كذلك عجز قوى التحرير+ عجز الجماهير المُخدّرة =
عجز كامل وعلى كل المستويات...

إنها الصرخة، فهل لحزب الله اذنان؟

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري