" دمشق ـ الرياض حتماً وقريباً "
حين يختار السوريون بين الدولة واللادولة . هؤلاء الذين أدركوا الى أين يمكن أن تذهب بهم الأقدام الهمجية لكأنّ سورية لم تكن بين الدول الأكثر أماناً , والأكثر نموّاً , في العالم دون أن يعني ذلك أنّ بعض أهل السلطة لم يوغلوا في الفساد ,
وفي المقاربة البدائية لمفهوم التعاطي مع الأصوات المعارضة , أو المعترضة . بين هذه الأصوات من كان نقيّاً حتى العظم , سوريّاً , حتى العظم . لكننا نعلم أي هاجس يسكن ذلك البعض وهو يرى كيف أنّ قوى دولية , وقوى داخلية , طالما راهنت , ومنذ الخمسينات حتى اليوم , على تفكيك سورية أو على تدمير المدى القومي لدى النُخب السورية . أميركا , مع دول أوروبية , اعترضت على الانتخابات الرئاسية في سورية . يا لقهقهات الشيطان !! منذ نصف قرن قال ريجيس دوبريه , رفيق تشي غيفارا في غابات بوليفيا , "لعل إدارة الشيطان انتقلت إلى البيت الأبيض" . كما لو أن وكالة الاستخبارات المركزية , ومعها العشرات من الأجهزة الدولية , والإقليمية , لم تتواطأ لاثارة الفوضى الأبدية في سورية من أجل عيون حاخامات القرن في تلّة الكابيتول، ومن أجل عيون نتنياهو وحاخاماته. أي سورية كانوا يريدون
سورية قُطّاع الطرق أم سورية قاطعي الرؤوس من دوا*عش وإخوان مسلمون , سورية الحثالات البشرية أم سورية الحثالات الأيديولوجية , وبينهم , وفي مقدّمهم , "الإخوان المسلمون" الذين وضعوا ظهورهم , ولِحاهم , تحت أحذية السلطان العثماني ؟ ألم يسأل سيرغي لافروف جون كيري "قل لنا , أي سورية تريدون , ويريد حلفاؤك ؟" . استمهله أسبوعاً , أو أسبوعين , للرد الذي لم يأت أبداً .
ديفيد شيلد , نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون , أحصى وجود أكثر من 1200 فصيل مسلح في سورية يقاتلون ضد الجيش العربي السوري, بأهواء وبولاءات مختلفة . الذين انهمرت على رؤوسهم , وفي جيوبهم , عشرات مليارات الدولارات (كانت حُصّة رجب طيب أردوغان , شخصياً , نحو11 مليار دولار) هل طرحوا , يوماً , تصورهم للنظام البديل ؟
تركوا لأصحاب الثقافة العرجاء , ولمنظّري المقاهي , والأرصفة , والشاشات , باللغة الببغائية إياها , أن يتقدموا بأفكار أين منها أفكار أفلاطون في "الجمهورية الفاضلة" ! أي سورية تريدون ؟ السؤال موجّه , ثانية , إلى الأميركيين الذين يحتلّون أجزاء من سورية , والذين يسرقون النفط , والقمح , من سورية , كما يحمون الاحتلالات الأخرى وعلى رأسها الاحتلال الأردوغاني , فضلاً عن ذلك الطراز من الأكراد الذين فاتهم أنهم , ومنذ الاستقلال , كانوا رؤساء جمهورية , ورؤساء حكومات , ووزراء دفاع , ورؤساء أركان , ورؤساء أحزاب , ومُفتون , ورجال أعمال ... هؤلاء الذين فاتهم أن ضريح صلاح الدين في فناء الجامع الأموي , وأن تمثال يوسف العظمة يختزل عظمة دمشق , وألق التاريخ في دمشق . السوري , وبلاده بلاد الخير , لم يشعر يوماً بالعَوز أو بالجوع , لولا الحصار الأميركي لإرغام سورية على السقوط الاقتصادي
, وتالياً , الدخول من ثقب الباب في "صفقة القرن" التي تعني تحويل العرب , كل العرب دون استثناء , إلى قهرمانات الهيكل .
العرب يعلمون أنّ دمشق زينة العرب , وملاذ العرب , لهذا نقول للأشقاء السعوديين إقرأوا كلام سعيد عقل في ضفاف بردى , وأضيئوا الشموع في الطريق إلى دمشق . لا عرب من دون سورية
. إذا عادت العلاقات بين سورية والسعودية , وهي عائدة حتماً وقريباً , سنكون , كعرب , أمام واقع جديد يحدّ من ليالي الموت , ومن ثقافة الموت التي أطبقت على أرواحنا طوال تلك السنوات . إنّنا ننتظر ... "