كتب الأستاذ حليم خاتون:
عند تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة ٦٤، برعاية الجمهورية العربية المتحدة، ورئيسها جمال عبد الناصر، وتعيين احمد الشقيري على رأسها، كانت الفكرة هي إيجاد هيكل سياسي لديه جيش هو جيش التحرير لقيادة النضال الفلسطيني...
لم تكن فتح قد وجدت ولا غيرها من الفصائل...
صحيح ان المنظمة لم تسمى يومها حكومة فلسطين في المنفى... لكنها كانت تشبه كثيرا الأنظمة العربية...
كان من أهم نتائج النكسة هو انتقال حجم كبير من الآمال الجماهيرية إلى القوى غير النظامية... تحديدا فتح والجبهة الشعبية...
استطاعت فتح بقيادة ياسر عرفات السيطرة على الساحة بفضل الدعاية التي كانت تربط الشعبية بالشيوعية والإلحاد بالإضافة إلى الانشقاقات المتتالية داخل الجبهة...
استطاع ابو عمار الهيمنة على منظمة التحرير ببراغماتيته وبقوة تدفق كل دعم الأنظمة ومعظم الدعم الشعبي على فتح..
هل أخطأ اليسار الفلسطيني، وتحديدا الجبهة الشعبية بالقبول بهذه الهيمنة...؟
يبدو أن هاجس وحدة الموقف الفلسطيني ومحاولة الاستقلال عن تأثير الأنظمة غلب على مبادىء كل الفصائل...
صحيح أن مسيرة فتح تميزت أيضا بالكثير من اللحظات المضيئة في تاريخ النضال الفلسطيني... لكن الصحيح أيضا أنه في لحظات أخرى كان يجب التميز ورفض القرارات... تحديدا بعد غزو لبنان سنة ٨٢ وخروج المنظمة من بيروت...
ربما كان من الافضل الخروج من منظمة التحرير على البقاء فيها وقبول مقررات مؤتمر الجزائر الذي شكل بداية التخلي عن الميثاق الوطني الفلسطيني الاساسي الرافض لوجود إسرائيل...
حتى مسألة القبول بحل الدولتين، كان يتمتع بتأييد من بعض اليسار الرسمي الفلسطيني وضعف حيلة البعض الآخر...
لقد خسرت الجبهة الشعبية الكثير من رصيدها الجماهيري بسبب خضوعها للكثير من القرارات اليمينية لمنظمة التحرير...
حتى وصل الأمر بها إلى الخضوع لشروط أوسلو تحت بند العودة إلى الداخل الفلسطيني... تماما، كما كان منطق ياسر عرفات...
القول بالتواجد على أي شبر محرر من الوطن الفلسطيني شيء، والقبول بهذا التواجد ضمن صفقة أوسلو شيء آخر...
اليوم، تجري مباحثات في القاهرة للوصول إلى وحدة الموقف الفلسطيني تحت ضغط شعبي يريد هذه الوحدة...
الكل يريد الوحدة لكن ليس بأي ثمن...
الخطأ الذي ارتكبته الشعبية ومعها القيادة العامة يجب أن لا يتكرر...
اليوم تأتي سلطة محمود عباس لتلعب دورا هو أسوأ من كل ما حصل في السابق عبر السيطرة على أموال إعادة الإعمار ومحاولة مقايضة هذا بتنازلات فلسطينية لم تكن ولن تكون مقبولة...
لا احد يطلب من القوى الثورية والوطنية الرافضة لأوسلو ولكل الحلول التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني أن تنفذ انقلابا على محمود عباس وتعدمه...
سياسة محمود عباس مرفوضة ولكن ليس هذا هو وقت الاصطدام بالسلطة...
يجب إفهام عباس ببساطة أنه ملزم بعدم التوقيع على اي اتفاق لا يحظى بقبول الشعب الفلسطيني بالإجماع الكامل...
محمود عباس وغير محمود عباس يجب أن يعرفوا أن لا تراجع بأي شكل من الأشكال عن
حق العودة لكل فلسطيني وحتى لرفات الفلسطينيين الذين أوصوا بإعادة دفنهم في قراهم الأصلية...
لا يحق لأي كان، مهما علا منصبه، أن يوقع نيابة عن أي فلسطيني إقرارا بالتنازل عن ولو سنتيمترا واحدا من ارض أجداد هذا الفلسطيني...
هذا ليس تعجيزا...
هذه حقوق... والذي يريد التنازل، عليه المرور على جثثنا ...
ونصيحة لأحفاد خيبر في الخليج،
اطلعوا منها ... انتم "مش قدها"..
"الفلوس مش كل شي..."
ما حصل في عسقلان سوف يتكرر في تل أبيب...
لا تتسببوا أن يتكرر في مدنكم...
لا عباس ولا غير عباس يستطيع إلزامنا بقبول مفاعيل وإجراءات الاحتلال والانتداب وحتى بعض مراسيم السلطنة...
فلتستمر الحرب حتى عودة كامل الحقوق حتى ولو تفجر الشرق الأوسط وكل المنطقة ...
اليوم يمتلك الشعب الفلسطيني ومقاومته مفاتيح المنطقة...
صحيح انهم أخطأوا بالقبول بوقف النار دون رفع الحصار عن غزة وضمان الحقوق الإنسانية لكل الشعب الفلسطيني على كامل فلسطين التاريخية... لكن الإصبع لا زال على الزناد...
حسنا فعلت حماس، وكذلك الجهاد بعدم الدخول في منظمة التحرير بأي ثمن...
الوحدة لها ثمن...
ثمنها، إنهاء كل التنازلات منذ طرح الدولتين وصولا إلى اليوم ومرورا بأوسلو... وإلا فالافضل أن يكمل كل واحد الطريق الذي يوصل الى كامل الحقوق ومبروك للذي سوف ينتصر.. وإن شاءالله،
نحن منتصرون ومعنا محور يمتد من صنعاء الى طهران ودمشق وبيروت وصولا إلى القدس...
وكما قال ابو عمار يومها، "اللي مش عاجبه، يشرب من بحر غزة"
ونصر من الله وفتح قريب...