كتب د. عصام شعيتو:
معظمنا قرأ تاريخ دمشق، وعرف طوشة حيّ القيمرية
(١٨٦٠).
فما هي طوشة القيمرية، التي اصطلح على تسميتها بطوشة الستين(1860)؟
مصيبتنا الكبرى أننا نقرأ التاريخ للتسلية، دون الالتفات إلو أنّ التاريخ يعيد نفسه، ولم نعتبر به، كما هو المفترض.
أمّا (طوشة الستين)،فقد حدثت عام 1860، وهدمت أجمل الأحياء الدمشقية (القيمرية).
فحين كانت بلاد الشآم ترزح تحت الِاحتلال العثماني وكانت بلاد الشآم هذه، تشتهر بإنتاج الحرير الطبيعي والبروكار، والحرير كان المادة ذات الأهمية الكبرى، في ذاك الزمان 1840/1865،(كما هي حال النفط والغاز اليوم).
و الذي لأجل سرقته، شُنّت الحروب، وزرعت الفتن، في العراق، وفي سورية، وفي لبنان.
وكان حيّ القيمرية تحديداً، أحد أحياء دمشق الجميلة، مركز إنتاج وصناعة الحرير في بلاد الشام، (حتى باتت القيمرية تسمى الهند الصغرى).
وكان يتم تصدير الحرير المنتج للعالم، عن طريق مرفأ صيدا السوري (في دولة اسمها اليوم لبنان).
الدول الأخرى المنتجة للحرير يومها هي فرنسا والصين.
شاء القدر أن يصيب مرض فتًّاك دودة القز في فرنسا والصين،فباتت الشآم قبلة العالم، وبدأ عصر من الِازدهار والِانتعاش الِاقتصادي، بل وحتى الريادة بإنتاج البروكار (خاصة من خلال عائلة دمشقية، هي "عائلة بولاد").
حاول الفرنسيون، عن طريق إقناع العائلات التي تنتج الحرير، (تحت مسمىًّ طائفيٍّ) بالقدوم إلى الجزائر، التي كانت تحت الِاحتلال الفرنسي يومها، لكي تبقى فرنسا محتكرة لهذا القطاع.
طبعاً، رفضت هذه العائلات هذا العرض، لأننا سوريون قبل كل شيء، فكانت المؤامرة ..
إذ تمّ تعيين أحمد باشا(الجزّار)
والياً على دمشق (بناءً على تدخل سفراء عدة دول أجنبية !!!)، وتم ابتداع فتنةٍ تحت اسم الطائفية.
كان الدافع اقتصادياً بحتاً، أمّا الفتنة الطائفية فكانت كذباً وبهتانا، أحرقت بسببه كل معامل الحرير في حي القيمرية(مركز الحرير العالمي) ..
ولم يتحرك الدرك العثماني، لحماية الشآم.
ولكي تستمر عملية النفاق، أصدر السلطان العثماني أمراً بإعدام أحمد باشا (دون محاكمة، كي يتم طمس كل معالم الجريمة على بلاد الشآم) ..
فإذا عرفنا ذلك، نعرف أنّ الغربيين يحاولون، بكلّ ما يملكون، منع بلادنا من التطوّر والازدهار، منذ عصور طويلة، وهم يحاربوننا، عندما يرون أنّنا نسعى للنهوض والتقدّم، وأغلب حروبهم علينا، ينتصرون بها علينا، بأيادٍ محليةٍ حمقاء جاهلة !!!
وهذا ما يحدث اليوم: العثماني دوماً عميل مأجور، و رأس الحربة في هدم سوريا الكبرى، لماذا ؟؟
أما آن الأوان لهذه الأمة أن ترفض هذا المصير ..؟
أما آن الأوان لوأد الجهل والخيانة من بلادنا ..؟
أما آن الأوان للحمقى أن يفهموا أن اللبوس ديني والمضمون اقتصادي بحت ..؟