كتب جورج حدادين:مخاض الأردن العسير /ج 2
مقالات
كتب جورج حدادين:مخاض الأردن العسير /ج 2
18 حزيران 2021 , 18:26 م
كتب جورج حدادين:   مسلمات ومعطيات وحقائق يمكن الانطلاق منها لتشخيص الواقع القائم بالفعل، بعيداً عن الرغبات والأمنيات. المبادئ تولد من رحم المصالح، بالمقابل المصالح هي المحرك الأساس لنضال الشر

كتب جورج حدادين:

 

مسلمات ومعطيات وحقائق يمكن الانطلاق منها لتشخيص الواقع القائم بالفعل، بعيداً عن الرغبات والأمنيات.

المبادئ تولد من رحم المصالح، بالمقابل المصالح هي المحرك الأساس لنضال الشرائح الاجتماعية ، والحراك يولد من رحم أزمة اجتماعية - اقتصادية قائمة في واقع التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية السائدة.

يعيش الأردن منذو التكوين، مطلع عشرينات القرن الماضي، أزمات متتالية عبر مراحل تعتمد على " الوفرة والضنك "

الوفرة والضنك يعتمد قانون التبعية الذي يحكم بنية الدولة الأردنية على امتداد قرن ونيف، حيث تعتمد القيادة السياسية والاقتصادية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع على المساعدات الخارجية والمنح والقروض الميسرة ، من يدفع للزمار يحدد اللحن، أي يحدد ويتحكم في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية، ويفرض شروطه على الدولة والمجتمع.

يمكن الخروج باستنتاج واضح وبلوري بأن الأزمة الممتدة التي يعيشها الأردن هي أزمة مفروضة من الخارج نتيجة مباشرة لقانون التبعية،

الأزمة القائمة هي أزمة مزدوجة:

·أزمة دولة مستهلكة ريعية ، لم تنجز استقلالها الوطني الحقيقي بعد، كون الاستقلال الناجز يستند إلى الإنتاج، المحتجز على البلاد، نتيجة قانون التبعية للمركز الرأسمالي، ولا يخفى على أحد اليوم، نتيجة ثورة الاتصالات، أن الأردن من الدول التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة مختزنة تحت سطح الأرض الأردنية، ومقدرات وطنية تقنية وادارية وثقافية بمستوى رفيع، حيث يمتلك أكثر من 18% من مجمل السكان شهادات ما فوق الدبلوم، وهي من النسب العالية في العالم، وهما ( الثروات والمقدرات والخبرات) شروط النهوض والتنمية المتمحورة حول الذات الوطنية، والتي تمكن الأردن من أن يصبح من الدول المرفهة والمانحة وليس الدولة المتسولة المنح والمساعدات والقروض الميسرة، هذه المقاربة تنفي حجة تأمين متطلبات الدولة والمجتمع،  عبر الاستجداء، القيادة السياسية والاقتصادية  غير قادر عاجزة عن تأمين  شروط بناء دولة منتجة مكتفية ذاتياً ومجتمع مندمج حديث، نتيجة التبعية ونتيجة إعادة إنتاج حلول وهمية هي في الحقيقية عناصر مولدة المتوالية الأزمة.
أزمة عنوانها وسببها حجز الإنتاج في كافة القطاعات الاقتصادية، أي منع تشكل دورة إنتاج اقتصادي،

·وأزمة بنى اجتماعية ما قبل الحديثة، حيث مجاميع بدائية تتساكن على أرض واحدة، ولم يسمح لها بالإندماج بعد، لتشكل مجتمع متجانس موحد منتج، لأن المجتمع الحديث يولد من رحم مجتمع منتج تتمايز فيه شرائح اجتماعية موحدة المصالح، بناء على تقسيم العمل والموقع في هذا التقسيم، ويصبح الولاء للشريحة وليس للعرق ولا لطائفة ولا المذهب ولا الإثنية والجهة والعشيرة والقبيلة.

وعليه فأن الأزمة القائمة بالفعل وفي الواقع هي أزمة تشكيلة اقتصادية – اجتماعية وليست أزمة قوانين وأنظمة وتشريعات، هي أزمة بنيوية وليست أزمة قانونية،

معالجة الأزمة والخروج منها يتطلب معالجة أسباب الأزمة وعلتها وليس مظاهرها،

علة الأزمة وسببها تكمن في بنية الدولة المستهلكة الريعية التابعة وفي بنية مجتمع ما قبل الحداثة،
كافة المقاربات، عبر اكثر من عشر عقود، التي استندت إلى إصلاح التشريعات والقوانين والأنظمة لم تتمكن من إخراج البلاد من أزمتها، لا يل فأن الأزمة تتعمق وتتفاقم وتشمل مروحتها كافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة و المفقرين و المعدمين والمهمشين والمعذبين في الأرض، بينما تتمتع قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب ولصوص المال العام والفاسدين بالفتات التي يرمى لها من قبل المركز الذي يسيطر على البلاد.

مقاربة الحوار الوطني لا بد من أن ينطلق من هذه المعطيات والمسلمات والحقائق

المصدر: موقع إضاءات الإحباري