بعد هدوء نسبي فرض نفسه لمدة ثلاثة أعوام، بموجب اتفاق التسوية الموقع في أواخر عام 2018، أجواء حرب باتت تخيم على محافظة درعا جنوبي سوريا، والمشهد الذي كان من المُفترض أن يكون هادئاً في المدينة لم تكتمل صورته، فالمجموعات المسلحة التي وقعت وأيدت الاتفاق مع الدولة السورية بوساطة روسية، أخلّت بالاتفاقات واختارت التصعيد، ولم يكد يبدأ دخول الجيش إلى أحياء درعا البلد، حتى كمنت له مجموعة من المسلحين في أطراف حي البحار، وفي بناء المهندسين، وأطلقت النار على عناصره عند نقطة حاجز الكرك، وأوقعت فيهم إصابات عدّة، ما دفع الجيش الى الردّ على مصادر النيران، ثمّ التراجع إلى خارج المدينة، خشية وقوع المزيد من الإصابات.
الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد هيثم حسون، وفي حديث خاص لموقع إضاءات، حول ماحدث في درعا ولماذا التصعيد وعلى ماذا تعول المجموعات الإرهابية، قال "عندما بدأت القوات المسلحة العربية السورية عمليتها لتحرير المنطقة الجنوبية ودرعا جزء من هذه المعركة التي نفذت واستمرت حوالي شهرين عملت القيادة السورية السياسية والعسكرية على ان تكون المعارك بالمستوى الادنى لها لذلك قبلت باتفاقات في مختلف المناطق ، قضت بأن يبقي بعض المسلحون على بعض الأسلحة في أيديهم وان يبقوا في مناطقهم شرط الا يقوموا بأي أعمال تؤدي الى استفذاذ الدولة السورية او الإقلال من هيمنة الجيش السوري في تلك المناطق .
الخبير العسكري أشار الى أن ارتابط المجموعات الإرهابية بالكيان الصهيوني منذ البداية، وعندما عقدت تلك الاتفاقات تحت وقع التقدم الكبير للجيش العربي السوري وانهيار خطوط الدفاع للمجموعات الإرهابية كان هناك انحناء امام العاصفة من قبل تلك المجموعات ولم تكن إرادتهم صادقة في الوصول الى اتفاق ينهي حالة الفلتان الامني في المنطقة الجنوبية او حالة سيطرة تلك المجموعات على تلك المنطقة، في تلك المرحلة تم إخراج جزء من الإرهابيين الذين رفضوا التسوية ومن قبل التسوية بقي في المنطقة الجنوبية ، بطبيعة الحال الجيش العربي بعد تلك المرحلة حاول مرات عديدة ان يقوم بعمليات عسكرية ينهي فيها حالة التمرد التي نفذها الارهابيون دائما كانت الوساطة الروسية تؤدي الى وقف العمليات العسكرية او عودة المجموعات الارهابية الى الالتزام بالاتفاق ات المعقودة، ووصلنا الى مرحلة منذ عدة أشهر أن تلك المجموعات لم تعد تلتزم بأي اتفاق او التزام او تهدئة وبدأت عملية الانتشار المسلح تظهر بشكل واضح وعملية الخروج عن سيطرة الدولة كذلك تظهر بشكل جلي لذلك كان قرار القيادة السورية بعد فشل كل المساعي لإنهاء حالة الفلتان في المنطقة وإعادة سلطة الدولة الى المؤسسات في درعا،
وتابع العميد حسون، "كان قرار القيادة بالدخول العسكري لإنهاء حالة التمرد والفلتان التي تنفذها تلك المجموعات التي أبقت الدولة على أسلحتها معها لوقت محدد، وحاليا نشهد عمليات عسكرية مكثفة من قبل الجيش العربي خاصة بعد ان تم تجديد الاتفاق منذ عدة أيام وقام الإرهابيون بالانسحاب من الاتفاق بشكل غادر، ونفذوا مجموعة من الهجمات على مواقع وحواجز الجيش السوري التي انتشرت بناء على الاتفاق الأول، المجموعات الارهابية في المنطقة الجنوبية تتلقى اليوم ضربات كبيرة من قبل الجيش العربي السوري الذي أرسل تعزيزات كبيرة بهدف السيطرة على الأوضاع وإنهاء حالة التمرد وإعادة الحياة الطبيعية الى حالتها الاولى ".
المجموعات الارهابية تعّول على مجموعة من الأمور:
أولا: على تجارب سابقة بأن الدولة لن تقوم باستخدام السلاح مجددا في تلك المنطقة أو لن تقوم باستخدام الجيش بكثافة في تلك المنطقة لإعادة الأمن.
ثانيا: تعول المجموعات الإرهابية على التفاهمات التي عقدت مع الجانب الروسي والتي كانت تتجدد باستمرار كلما حصل اشتباك أو تتطور عسكري وأمني في المنطقة الجنوبية.
ثالثاً: تراهن المجموعات الإرهابية على حالة الضائقة التي تمر بها الدولة والمجتمع السوري بالتالي هم يعتقدون أن هذا الأمر سيحد من قدرة الدولة على اتخاذ القرار أو على تنفيذ قرار بالعمل العسكري لإنهاء حالة الفلتان الأمني والانتشار المسلح .
طبعا هذه الأمور التي راهن عليها الإرهابيون اعتقد أنها لم تكن في مكانها، القيادة السورية السياسية والعسكرية اتخذت القرار في إنهاء التمرد الحاصل في المحافظة، كذلك فان الجانب الروسي أبدى دعمه الكامل للدولة السورية، كما أن حجم الحشد للقوات المسلحة السورية يدل على أن الوضع الداخلي لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على القرارات العسكرية بإعادة الأمن والهدوء الى أي منطقة في الجمهورية العربية السورية.
وحول علاقة التصعيد الحاصل في درعا بإعادة افتتاح معبر نصيب-جابر، قال العميد حسون ليس هناك علاقة مباشرة بين فتح معبر نصيب وبين التصعيد الحالي الذي حصل في درعا والذي كانت بداياته منذ أكثر من عام تقريبا سعت خلاله الدولة السورية من خلال الوساطة الروسية والتفاوض مع قادة المجموعات الارهابية الى الوصول لحلول ، اعتقد ان المجموعات الارهابية وصلت منذ شهر تقريبا الى قناعة انها يجب ان تخرج الى العلن في السيطرة العسكرية على الواقع لاعادة الوضع على ماكان عليه قبل حوالي أربع سنوات من أجل السيطرة على كامل المنطقة عسكريا وامنيا وهي تشعر بان هناك نوع من السعي من قبل الدولة لاستعادة سيطرتها على كامل المحافظة لذلك اعتقد ان الوصول في هذه المرحلة الى مانحن عليه هو مصادفة مع فتح معبر نصيب الذي حصل منذ أيام بينما الاشتباكات منذ عدة اشهر مستمرة والعمليات التخريبية والاغتيالات والهجوم على مواقع الجيش العربي السوري مستمرة منذ فترة طويلة .



