كتب الكاتب م. زياد أبو الرجا:
أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الافتتاح الرسمي لممثلية تابعة لها في سويسرا، جاء في بيان الإدارة " بات من الضرورة الشروع بفتح ممثليات للإدارة في الدول المؤثرة على الملف السوري، وكان منها ألمانيا وفرنسا ثم السويد ودول البينلوكس"
وختم البيان: "إننا في ممثلية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نأمل أن تتمكن هذه الممثلية من تطوير العلاقات الدبلوماسية والمجتمعية مع سويسرا حكومة وشعباً ونتمنى أن يدخل هذا الحدث غب خدمة الشعبيين السويسري والسوري وأن تكون الممثلية نقطة انطلاق جديدة نحو الأفضل لشعوب المنطقة".
بعد مباشرة أمريكا بسحب قواتها من أفغانستان ونقل معسكراتها من قطر والعراق ومناطق أخرى في الخليج إلى الأردن كثر الحديث عن ان أمريكا تخطط لإخلاء الإقليم للتفرغ لمنطقة الباسفيك حيث التنين الصيني، ذهبت معظم التحليلات إلى أن أمريكا ليست في وارد خوض حروب في المنطقة.
ان ما تقوم به أمريكا هو إعادة انتشار وتموضع في الإقليم مما يؤهلها تحقيق الأهداف الاستراتيجية بأقل التكاليف والاثمان المادية والبشرية، تتلخص هذه الأهداف بما يلي:
1. الإبقاء على السيطرة النارية على الطريق الواصل بين العراق وسوريا (القائم-البوكمال) من خلال القوات الجوية المتمركزة في القواعد الجوية في المنطقة والكيان الصهيوني.
2. الدعم العسكري واللوجستي والسياسي لقوات قسد التي تعمل على فرض الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي بدأت تفتح ممثليات في أوروبا واخذت تنطق باسم الشعب السوري وكل ما أخشاه أن تتحول هذه الممثليات مستقبلا إلى سفارات مثل ما تحولت ممثليات منظمة التحرير إلى سفارات.
3. الإبقاء على قوة ضاربة على الأرض العراقية كقاعدة ارتكاز لقواتها شرق الفرات السوري.
4. الحفاظ على استقلالية الكيان الكردي في شمال العراق والذي يتصرف كدولة مستقلة حيث التمثيل القنصلي لكثير من الدول والتجارة الخارجية وتصدير النفط.
5. التأسيس لفرض أمر واقع مع مرور الزمن لتشبيك كل الجغرافيا الكردية في العراق وايران وتركيا وشرق سوريا لخلق الكيان الكردي الكبير والذي سيمتد من البحر الأبيض المتوسط مرورا بالجنوب التركي والشمال السوري.
6. التموضع الجديد سيوفر الحماية للكيان الصهيوني الذي بات عاجزا عن الدفاع عن نفسه بحكم تآكل قوته العسكرية من ناحية والتعاظم المستمر لمحور المقاومة.
7.الاستثمار في الدواعش الموجودين في سجون قسد "معسكرات الاحتياط" لقتال الجيشين العراقي والسوري.
8. العمل على تأجيل الانتخابات في العراق خشية أن تأتي بالسيد عادل عبدالمهدي رئيسا للوزراء والذي سيعمل على تفعيل الاتفاق مع الصين كما عملت على تأجيل بل إلغاء الانتخابات في فلسطين كي لا تستولي حماس على السلطة.
9. أن بقاء القوات الامريكية في شرق الفرات لا يمكن بأي حال من الأحوال فصله عن الاحتلال التركي لادلب وقطعانه الإرهابية. ان الاحتلال التركي لأجزاء من سوريا تحت ذريعة التصدي لقوات قسد في شرق الفرات يخلق تلقائيا الذريعة للاحتلال الأمريكي بحجة حماية قسد والإدارة الذاتية. إن الاحتلالين يتبادلان الخدمات التي تصب في النهاية في صالح المشروع الناتوي الاردوغاني لتقسيم سوريا.
وحرمانها من جني ثمار انتصارها على الإرهاب وداعميه واسقاط مشروع الهيمنة الذي ادارته قوى الاستعمار ووكلائها المحليين من الاخوان والقوى الظلامية الأخرى.
امام هذا التموضع والانتشار الجديد لامريكا في الإقليم كان لافتا التصريح الذي ادلى به وزير الخارجية الروسية لافروف حيث قال: "ان أمريكا تخطط للبقاء طويلاً في المنطقة" وتصريح مثل هذا لا بد أنه مستند إلى معلومات ومعطيات مادية لدى روسيا وليس محض خيال. يبدو أننا مع العتابا والميجانا والأوف بينما تقدير الموقف عند لافروف.
إن الوقوف أمام هذه المعطيات الواضحة يفرض على محور المقاومة بأن يأخذ زمام المبادرة وأن لا يركن إلى أوهام وسراب الانسحاب الأمريكي من المنطقة حتى لو توفرت لامريكا الضمانات لمصالحها المشروعة في المنطقة والاقليم.
تتلخص هذه المبادرة بالقيام بالخطوات التالية:
1. على الجيش العربي السوري والقيادة السورية أن تحزم أمرها فيما يتعلق ببؤر الإرهاب في الجنوب السوري حيث الجبهة الرئيسية مع الكيان الصهيوني دون ارجاء أو الاخذ بنصائح الحلفاء.
2. على القيادة السورية أن تفتح معركة تحرير ادلب وطريق M4 والقضاء على خزان الإرهاب الذي يؤرق سوريا والذي يمد اردوغان بالمرتزقة الذين يزج بهم في دول الإقليم خدمة لسادة الناتو واحلامه العثمانية. أن تحرير ادلب لا يحتمل التأجيل حتى لو كان للروسي والإيراني وبقية الحلفاء رأي آخر، لإن تركيا اردوغان تهربت من كل التزاماتها وأخلت بكل تعهداتها.
أن أي تأجيل لهذه المعركة لم يعد مقبولاً لأن عملية التتريك قائمة على قدم وساق وأخشى ما أخشاه أن يأتي يوم تجد فيه سوريا نفسها في مواجهة سلخ اسكندرون آخر في ادلب.
إن تحرير ادلب من الاحتلال التركي وسيطرة ارهابييه سيخل بميزان القوى في شرق الفرات وسيكون لتداعيته الأثر العظيم على قسد وراعيتها القوات الامريكية.
3. على كافة فصائل محور المقاومة أن تكثف من عملياتها كماً ونوعاً ضد الاحتلال الأمريكي على الجغرافيا العراقية والسورية، وأن يقوم الجيش السوري بتوجيه ضربات صاروخية وجوية ضد معسكرات وتجمعات قسد والأهم من ذلك مجاميع داعش (قوات الاحتياط الأمريكي) التي تحتفظ بها قسد تحت مسمى السجون.
أن مثل هذه الخطوة ستدفع الأمريكي أن يتصدى للجيش السوري عبر ضربات جوية في هذه الحال يمتحن الروسي والإيراني.
وخاصة الروسي الذي بات مطلوباً منه أن يطلق العنان للجيش العربي السوري بتفعيل شبكة صواريخ الـ S300 وغيرها لحماية قواته وتوفير الغطاء الجوي فيها.
4. لم يعد مقبولاً الآن وفي هذه المرحلة من تطور الصراع وتبدل المعادلات وتقلب التحالفات أن يكون الدعم الايراني لسوريا من خلال الخبراء والمستشارين في الوقت الذي تقع فيه معسكرات قسد وتجمعات داعش في سوريا في مرمى صواريخها وقد سبق وأن جربت ذلك مرة.
أن القوى الشعبية المؤيدة والداعمة لمحور المقاومة قد أصابها الملل واعتراها اليأس من سياسة الصبر والتحمل والصبر الاستراتيجي ولسان حالها يقول للمحور:
إن اردت أن تطلق النار أطلقها ولا تتكلم..
If you want to shoot, shoot do not talk.
زياد أبو الرجا



