لا يزال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يأخذ أصداء واسعة في الولايات المتحده، الانسحاب الذي توعد به الرئيس الأمريكي جو بايدن وكان من النقاط البارزة في حملته الانتخابية، أزعج الكثيرين في أمريكا، وبينما يواصل بايدن الدفاع عن قراره السريع تتواصل ردود الفعل المنتقدة له .
ولعل قرار الانسحاب شكل أكبر أزمة تواجه بايدن منذ توليه الحكم في البيت الابيض.
أعضاء مجلس النواب الأمريكي من الجمهوريين وجهوا انتقادا لبايدن على خلفية دفاعه عن انسحابه من أفغانستان، وانتقدوا بشده تقديره للأمور ونزاهته في اليوم الثاني من جلسات بالكونجرس احتدم فيها الجدل مع قادة وزارة الدفاع.
واتهم الجمهوريون الرئيس بالكذب بشأن توصيات قادة الجيش بإبقاء 2500 جندي في أفغانستان والتهوين من شأن تحذيرات باحتمال انهيار الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في كابول وتضخيم قدرة الولايات المتحدة على منع تحول أفغانستان مجددا إلى ملاذ لجماعات متشددة مثل القاعدة.
وقال مايك روجرز أهم عضو جمهوري في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب “أخشى أن يكون الرئيس مضللا”، ووصف الانسحاب بأنه “كارثة تامة”.
وأضاف “سيسجل التاريخ هذا الأمر على أنه أحد أكبر إخفاقات القيادة الأمريكية”.
وتضررت شعبية بايدن بشدة وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي حتى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وجد في الانسحاب فرصة مواتية للهجوم على خلفه بايدن .
وقال الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إنه وكبار القادة الميدانيين في أفغانستان أوصوا بإبقاء 2500 جندي أمريكي وآلاف من قوات التحالف هناك.
وأبلغ لجنة مجلس النواب أنه حذر من أن الانسحاب الكامل قد يؤدي إلى انهيار الجيش والحكومة الأفغانيين.
وأضاف “هذا بالفعل ما حدث”.
ونفى بايدن خلال مقابلة في أغسطس آب أن يكون قادته أوصوا بإبقاء 2500 جندي في أفغانستان، وقال حينها “لا. لم يبلغني أحد بذلك حسبما أذكر”.
من جانبه قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للجنة بالكونجرس، إنه "لم يكن يؤيد إبقاء قوات من بلاده في أفغانستان إلى الأبد".
وأضاف أوستن، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، خلال جلسة عن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهي ثاني جلسة في يومين شهدتا إدلاء كبار القادة العسكريين بشهاداتهم حول الأمر، أن " الجيش الأمريكي إذا ما ظل هناك فإنه لم يكن ليملك خيارا دون مخاطرة بوضعه وقتها، وأن الأمر كان سيتطلب الدفع بمزيد من القوات".
وفي الجلسة الأولى، اعترف أوستن، بخطأ الحسابات في أطول حرب أمريكية، بما في ذلك ما يتعلق بالفساد والأضرار المعنوية بصفوف الأفغان.
وقال إن "واقعة انهيار الجيش الأفغاني الذي درّبناه مع شركائنا، غالباً من دون إطلاق أي رصاصة، فاجأتنا، وسيكون مجافياً للحقيقة الادّعاء بعكس ذلك".
وتابع :"لم ندرك مدى فساد كبار ضباطهم وانعدام كفاءتهم، لم نقدّر الأضرار التي نجمت عن التغييرات الكثيرة وغير المفسّرة التي قرّرها الرئيس الأفغاني أشرف غني على صعيد القيادة".
واستطرد:" لم نتوقع أن يكون للاتفاقات التي توصّلت إليها طالبان مع أربعة قادة محليين بعد اتفاق الدوحة تأثير كرة الثلج، ولا أن يكون اتفاق الدوحة قد أحبط الجيش الأفغاني".
في السياق وعقب انتهاء الجلسة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن مقترح الإبقاء على 2500 فرد من القوات الأمريكية في أفغانستان لم يكن مطروحًا لتطبيقه على مدى زمني طويل.