العد التنازلي.. من يسقط اولا الدولة / المعبد ام السلطة / الجيتو
مقالات
العد التنازلي.. من يسقط اولا الدولة / المعبد ام السلطة / الجيتو
25 تشرين الأول 2021 , 12:23 م
  (يفسر ظهور اقنان البلاط في الحضارة الغربية بان المجتمع الاقطاعي كان مجتمعا عضويا, رغم اللامركزية الاقطاعية، وكان يدور حول الدين المسيحي، سياسيا ودينيا، حيث لم يكن هناك فصل بين السلطتين الزمنية وا

 

(يفسر ظهور اقنان البلاط في الحضارة الغربية بان المجتمع الاقطاعي كان مجتمعا عضويا, رغم اللامركزية الاقطاعية، وكان يدور حول الدين المسيحي، سياسيا ودينيا، حيث لم يكن هناك فصل بين السلطتين الزمنية والدينية كما يشاع، وكانت الجماعات القروية المنغلقة تدور حول القس والنبيل، وكلاهما مسيحي، وكان مسوغ بقاء اليهود خارج هذا الاطار هو اعتبار ان هذه الملكيات والاقطاعيات وريثة الدولة الرومانية (الوثنية) التي اعتبرت اليهود ملكية خاصة منذ تدمير الهيكل وسبي اليهود الى بابل.
والحركة الصهيونية نتاج ذلك التراث الغربي القديم، لانها تعتبر اليهود فائضا بشريا هامشيا في اوروبا يمكن توظيفه لصالحها خارج حدودها، من خلال الاستيطان وخدمة الاستعمار، اي تحويل اقنان البلاط الملكي اللذين كانوا يقومون بادوار وظيفية مالية ودبلوماسية الى اقنان بلاط امبريالي يقوم بوظيفة استيطانية قتالية.
د.عبد الوهاب المسيري .)

منذ بداية القرن العشرين واثناء الحرب العالمية الاولى، قام البلاط الامبريالي المنتصر( بريطانيا وفرنسا) باعداد اتفاقية سايكس - بيكو لتقسيم بلاد الشام، واصدر البلاط الامبريالي البريطاني وعد بلفور المشؤوم، لاقامة وطن قومي لاقنان الصهيونية، ليقوم بالوظيفة المنوطة به. الى جانب ذلك دأبت بريطانيا وسعت سعيا حثيثا لاقامة كيانات عربية مصطنعة مهمتها ان تقوم وتلعب بدور الاقنان في خدمة اقنان الصهيونية وكيانها على الارض الفلسطينية، وفي تلك الفترة برزت احزاب عربية في خدمة المشروع الامبريالي وعلى رأسها حزب الاخوان المسلمين.
في ذروة هيمنة الامبريالية العالمية وخاصة الامريكية التي انتقل اليها مركز الثقل الامبريالي، اخذ الكيان الصهيوني يؤتي مردودا يعادل مئات المرات حجم الاستثمار الامبريالي فيه.( جدلية الاستثمار والمردود) .وبما ان الكيان مشروع ذو شقين الشق الامبريالي كقاعدة متقدمة في المنطقة، لكل الجيوش الامبريالية، فان امن الكيان وبيئته الحاضنة ،المجتمع الاستيطاني ( الاسبارطي ) ، يقع على رأس اولويات واول اهتمامات القوى الامبريالية قاطبة. حيث انها تمده باخر ما توصلت اليه التكنولوجيا في الصناعات العسكرية، وتسخر اجهزة الاعلام  المسموعة والمقروءة والمرئية لرفد الكيان بقطعان المهاجرين، الذي يصب في خدمة الشق الثاني من المشروع ( الكيان) وهو توسيع القاعدة من خلال التوسع الاستيطاني واحتلال اراض عربية جديدة.
كانت حرب حزيران بصرف النظر عن المقدمات تصب كليا في خدمة شقي المشروع، حيث وجهت ضربة قاصمة للمشروع التحرري والوحدوي الذي تقوده القاهرة وعبد الناصر، والدور الاقليمي المتصاعد لمصر حيث دعمت بكل الوسائل الثورة الجزائرة ونالت الجزائر استقلالها المشرف والمعمد بملايين الشهداء والجرحى بالاضافة الى دعم مصر لحركات التحرر في افريقيا واسيا. كما لعبت مصر دورا طليعيا بمساهمة الجيش المصري في التخطيط والتنفيذ للعمليات الفدائية التي كانت تنطلق من قطاع غزة في خمسينيات القرن المنصرم.
وقفت مصر مع القوى الوطنية العربية التي كانت تناضل ضد انظمة التخلف الرجعية وخاصة تلك التي يرتبط وجودها وامنها بوجود وامن الكيان.
عندما نجحت دولة الكيان باحتلال ما تبقى من ارض فلسطين  بالاضافة الى اراض عربية من مصر وسوريا اخذ المركز الامبريالي يبرر للكيان احتلاله وتوسعه الاستيطاني، ومده بمزيد من الاسلحة النوعية، ووقفت الى جانبه بلا تحفظ في المحافل الدولية التي تمكنه من الاحتفاظ بتوسعه الاستيطاني ودوام احتلاله.
حين شرعت مصر وسوريا باعادة بناء جيشيهما وخاضتا حرب استنزاف لرفع الروح المعنوية.كانت حرب الاستنزاف حرب التعميد بالنار
 ( Baptism In Fire )
 وفي نفس الوقت رعت مصر وسوريا حركة المقاومة الفلسطينية كي تكون رديفا لحرب الاستنزاف.
جاءت حرب تشرين المجيدة لتتوج هذا الجهد العظيم حيث عبرت القوات المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف وخاضت اكبر معارك للدبابات في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتقدم الجيش العربي السوري حتى وصل الى مشارف بحيرة طبريا. 

في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ الكيان استنزفت قواته ونفذت ذخيرته، كما كان الحال ايام حكم الاقطاع في بولندا حيث كانت تسلح اليهود الذين يشرفون على اخذ الضرائب من الفلاحين وحين يتمردون  يتصدون لهم بالسلاح لحين وصول جيش الدولة. عرفت تلك الحقبة بمصطلح( الدولة/ المعبد).
قامت امريكا بانزال دباباتها مع طواقمها من الجنود الامريكيين وزجت بها في قتال مباشر مع القوات المسلحة المصرية المتقدمة في سيناء. بدأت نتائج ذلك على الجبهة المصرية والذي انعكس فيما بعد على الجبهة السورية.
بعد وقف اطلاق النار اخذت القيادة الامريكية والصهيونية بمراجعة وتقييم الموقف واخذت عدة قرارات اهمها:
اولا- يجب ان لا يحدث هذا مرة اخرى.
ثانيا- حرمان الطرف العربي من استثمار والبناء على نصره الجزئي
ثالثا- تصفية حركات المقاومة الفلسطينية عسكريا وسياسيا.
اي تصفية كل ما يهدد امن القاعدة المتقدمة في الاقليم( الدولة/ المعبد).
وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد تاركة سوريا بلا حليف عربي واضطرت الى فض الاشتباك وليس هدنة مع العدو. دأبت قوات الكيان على مهاجمة قواعد الثورة الفلسطينية في لبنان واغتالت بعض قياداتها واجتاحت الارض اللبنانية عدة مرات وصل بعضها الى نهر الليطاني. تعاملت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كما هو معهود بقصر الوعي ولم تتعامل مع الهجمات الصهيونية على انها مقدمة لاجتياح كامل للبنان واحتلالا لعاصمته بيروت، واهملت تقييم الموقف العسكري الذي كان يقدمه الشهيد سعد صايل الذي حذر قيادة منظمة التحرير عدة مرات من ان الكيان سيقدم عاجلا ام اجلا على احتلال بيروت واستئصال الثورة الفلسطينية. على خلاف ذلك تعامل اليمين الفلسطيني مع الوضع سياسيا وطرح برنامج النقاط العشر، الذي يهدف الى اقامة سلطة وطنية فلسطينية على اي جزء من فلسطين يتم تحريره او ينسحب منه العدو. وكما نجحت امريكا في دق اسفين الخلاف بين حليفي حرب تشرين مصر وسوريا. نجحت بامتياز في دق اسافين الخلاف بين فصائل منظمة التحرير من جهة وبين قيادات الفصيل الواحد وخاصة " فتح" من جهة اخرى. وجاء الاجتياح الصهيوني للبنان ليضع النقاط على الحروف، تحرر اليمين الفلسطيني من اي قيود وانخرط في مشروع التسوية الذي نظر له وعمل عليه، وكانت محصلته اتفاقية " اوسلو" وملحقاتها.
ظنت امريكا والكيان، ان الساحة اصبحت خالية من اية مقاومة لمشروعها في المنطقة، الى ان انطلقت المقاومة اللبنانية الباسلة ضد قوات الناتو والاحتلال  الصهيوني وساهمت سوريا وبعض الفصائل الفلسطينية في معارك تحرير الجبل وبيروت حيث اجبرت القوات الاوروبية على الانسحاب تحت النيران تاركة قوات الكيان تحت رحمة ضربات المقاومة المدعومة من سوريا وايران. تطورت عمليات المقاومة اللبنانية كما ونوعا مما ارغم المحتل الصهيوني على الانكفاء والانسحاب من مناطق واسعة من لبنان وقام بخلق كيان وظيفي من المرتزقة والخونة في جنوب لبنان ليقوم بالدور نيابة ووكالة عنه. استمرت المقاومة الرشيدة والتي عرفت كيف تنسج تحالفاتها وطنيا واقليميا. استطاعت ان تحرر باقتدار كامل لبنان. العظيم في هذه المقاومة اللبنانية وبلسان سيدها سيد المقاومة اهدت نصرها لفلسطين كل فلسطين. ولاول مرة في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني يسجل التاريخ نصرا مبينا ساطعا لا شية فيه. فر العدو الى الجليل مغلقا خلفه البوابات.
مرة اخرى بعد حرب تشرين المجيدة تحقق قوة مقاومة عربية نصرا ساحقا  وادركت امريكا والكيان ما لا يدركه العرب ان هذا النصر العظيم كشف عجز الكيان عن اداء الدور المنوط به والذي قام من اجله على ارضنا الفلسطينية. وبناء عليه سارعت امريكا لقلب المعادلة وتصحيح الوضع بحرمان المقاومة اللبنانية من امتدادها في الاقليم وفي فلسطين خاصة حيث اشتعلت انتفاضة الاقصى. تقدمت امريكا والكيان مدعومة من قوى عربية جهارا نهارا لخلق شرق اوسط جديد، وكانت حرب تموز المجيدة عام ٢٠٠٦ في جنوب لبنان، ومرة اخرى انتصرت المقاومة وهزمت ودحرت قوات الاحتلال وظهر عجز الكيان وجيشه وهزم هزيمة نكراء، وانهت صواريخ الكورنت اسطورة الميركافا في وادي الحجير، وهزمت قوات النخبة  الصهيونية. هذا النصر ما كان ليتحقق لولا الدعم السوري الذي فتح مخازن جيشه للمقاومة اللبنانية. 
قامت القوات الصهيونية بعد ذلك بالاعتداء على غزة بدءأ بعدوان ٢٠٠٨ وانتهاءأ بعدوان ٢٠١٤ ولم تتمكن من التقدم على الارض حيث فوجئت بمقاومة منظمة وشرسة وتكبدت خسائر فادحة بالعديد والعتاد وكل ما خلفته هو الدمار المدان والمستنكر. ان عجز الكيان المتكرر خلق الظروف الموضوعية والذاتية لنهوض قوى المقاومة بحيث اخذت تهدد الكيان وجوديا، فانكفأ الى الداخل واطلق العنان للقوى الصهيونية المتطرفة التي زادت من وتيرة الاعتداء على المقدسات والاحياء العربية في القدس. كما زاد من تعنته تجاه السلطة الفلسطينية، وتنكر لكل بنود اتفاقية اوسلو وملحقاتها، وزاد في مشروعه الاستيطاني  وخاصة في القدس، حيث بدت السلطة عارية وانكشف دورها الوظيفي  الذي تقوم به وهو حماية امن الكيان في الداخل الفلسطيني.
استغل الكيان فترة وجود ترامب في البيت الابيض  الذي منحه الاعتراف بالقدس عاصمة ابدية وضم الاغوار والجولان المحتل للكيان والتطبيع مع بعض الانظمة العربية .
ان المجتمع الصهيوني الذي فقد الكثير من علمانيته لصالح القوى الدينية المتطرفة والتى تسيطر على اكثر من ٤٢% من المدارس التعليمية. هذه الجماعات المتطرفة اخذت تنخر اجهزة الدولة من الداخل واخذت بيدها زمام الكثير من الامور. ان عجز الدولة الصهيونية في الداخل والخارج شجع قطعان المستوطنين لاخذ الامور بايديهم وكثفوا من وتيرة اعتداءاتهم على المقدسات والاحياء العربية في القدس التي اشعلت معركة سيف القدس التي كشفت سوءة الكيان وعجزه جيشا وحكومة وادارة عن التصدي لصواريخ المقاومة المنهمرة على مدنه وبلداته ومستوطناته. ان النتائج التي ترتبت على معركة سيف القدس كانت 
اولا:- عجز السلطة الفلسطينية وغيابها عن الحدث
ثانيا :- عجز الكيان عن وضع حد للصواريخ التي تنطلق من غزة.
ثالثا:- انها وحدت الشعب الفلسطيني كله في الداخل والشتات.
رابعا:- انها حشدت الرأي العام العالمي لصالح الشعب الفلسطيني عبر المظاهرات المليونية في اغلب مدن العالم.
ان عجز طرفي المعادلة الممسكان بالوضع الراهن في الداخل الفلسطيني وهما الدولة / المعبد  والسلطة / الجيتو  باتا مهددان بالسقوط.
انبرت امريكا لخلق الظروف الموضوعية التي تمد في عمرهما من خلال احياء مشاريع تمت تجربتها وفشلت مثل اللجنة الرباعية ومشروع حل الدولتين التي انعشت السلطة، في الوقت نفسه بدات بتفجير الاوضاع في افغانستان من خلال الدواعش الذين نقلتهم الحوامات الامريكية من منطقة شرق الفرات الى اربيل ومن ثم عبر طائرات النقل العملاقة الى افغانستان، واثارة القوى الاذرية ضد ايران، الى الفوضى الخلاقة في العراق، والفتن والكمائن في لبنان، وكل ذلك من اجل توفير الامن للكيان قبل الانسحاب الامريكي من الاقليم.
ان هذه المعارك المتنقلة تجعل الذهاب الى حرب اقليمية امرا حتميا لا بد من وقوعه هكذا علمنا التاريخ وفي حال وقوعها فان النصر المؤزر سيكون لمحور المقاومة رغم ما سيخلفه من دمار، الا ان الطرف الاخر سيكون وجوده على كف عفريت وفي مهب الريح. سيسقط الكيان( الدولة / المعبد )  وستسقط السلطة / الجيتو وستصدق نبؤات العجائز التي تقول: ( ان النصر سياتي من عين الشرق)
ان النصر ات لا محالة، وهو اقرب الينا من حبل الوريد.

زياد ابو الرجا

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري