السياحة يمكن أن تزيد التلوث الضوئي في موائل سلاحف البحر
دراسة فسرت العلاقة الضارة بين السلاحف البحرية والتلوث الضوئي كأساسٍ مهم في الحفاظ على السلاحف البحرية من الانقراض, أما ما هي العلاقة بين السلاحف البحرية والسياح الذين يزورون بيئتها الطبيعية فاليكم هذه الدراسة.
فالضوء هو أداة رصدٍ مهمة لسلاحف البحر في عملية تنقلها وحركتها اليومية, لكن التدخل البشري من خلال تركيب الأضواء الاصطناعية يهدد بإضعاف وتشويه قدرة السلاحف البحرية على التنقل والبقاء على قيد الحياة.
فوفقاً للجنة فلوريدا لحماية الأسماك والحياة البرية، تفقس السلاحف البحرية حديثة الولادة على شاطئ البحر،وتبقى مختبئةً تحت الرمال وتنتظر انخفاض درجات الحرارة في الليل لتخرج إلى السطح و بمجرد خروجها ستدفعها غريزتها إلى الانتقال إلى المكان الأكثر سطوعاً، و الذي هو المحيط أو البحر المجاور للشاطئ الذي عاشت فيه بسبب انعكاس ضوء القمر على سطح الماء.
تقول الدراسة, في عصر التوسع البشري السريع لا يكون هذا هو الحال في كثيرٍ من الأحيان. فقد تتبع السلاحف عن طريق الخطأ الأضواء الساطعة من مصابيح الشوارع والمباني، مما يعرضها لخطرٍ متزايد للموت الناجم عن التعب والافتراس والجفاف والتصادم مع العربات أو البشر .
كما قد يؤثر التلوث الضوئي أيضاً على السلاحف البحرية الأم أثناء محاولتها بناء الأعشاش, ففي عام 2014 ، أصيبت سلحفاةٌ ضخمة كانت تبني عشاً بالعمى الجزئي بسبب الأنوار الساطعة من شقة قريبة، مما جعلها تتجول في شارعٍ عام حيث صدمتها سيارة و ماتت على الفور.
وتضيف الدراسة, قد ترفض الأمهات أيضاً التعشيش على الشواطئ التي تحتوي على مستوياتٌ عاليةٌ من التلوث الضوئي مما يعقد عليها التعشيش بنجاح.
وعلى غرار توهج الأضواء الاصطناعية، فإن نطاق هذه المشكلة هو أكثر مما نتوقع حيث تشير التقديرات إلى أن الملايين من السلاحف البحرية حديثة التفريخ تموت نتيجةً للتلوث الضوئي كل عام في ولاية فلوريدا وحدها فقط.
كما تعتبر السلاحف البحرية من أكثر الحيوانات البرية المعرضة لخطر الانقراض في العالم، فستةٌ من الأنواع السبعة الرئيسية منها معرضةٌ لخطر الانقراض بشكلٍ كامل.
على الرغم من هذه الحالة المروعة التي تعاني منها السلاحف البحرية في العالم، أصبح التلوث الضوئي يتزايد وينتشر بشكلٍ كبير مما مضى, حيث وجدت دراسةٌ أجريت عام 2019 أن أقل من ثلث مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية في العالم لديها سماءٌ ليلية طبيعية تماماً وخالية من الأضواء الاصطناعية، وأن حوالي نصفها يقع بالكامل تحت سماء ملوثة بالأضواء الزاهية المصطنعة.
وقد يتفاقم التلوث الضوئي بشكلٍ خاص بالقرب من الوجهات الساحلية حيث يتدفق السياح لزيارة السلاحف البحرية ذاتها, على الرغم من أن العديد من السياح يزورون السلاحف البحرية بسبب حبهم لهذه الكائنات الجميلة، فإن طفرة هذه الصناعة تشجع على زيادة التنمية الحضرية على طول السواحل ،فمع زيادة التحضر تزيد أضواء الفنادق والشقق والمطاعم وأضواء الشوارع والمركبات.
ومما زاد الطين بلةً هو حقيقة أن العديد من السلاحف البحرية تفقس خلال موسم الذروة السياحي في الصيف وبداية الخريف. فبحسب الباحثين الذين يدرسون تأثير السياحة على الحفاظ على السلاحف البحرية في جزيرة سال، وجدوا أن جزر الرأس الأخضر لديها زيادةٌ ملحوظة في نسبة الأعشاش التي يجب نقلها كل عام بسبب التلوث الضوئي ، و لكونها مكاناً سياحياً شهيراً يتوجب على الأمهات نقل جميع أعشاشها لمدة عامين متتاليين.
في الولايات المتحدة، تنتشر سياحة السلاحف البحرية في ولاية فلوريدا، حيث تضم أكثر من 90٪ من جميع السلاحف البحرية التي تعشعش في الولايات المتحدة وبها أكبر عدد من السلاحف البحرية التي تعيش في نصف الكرة الغربي باعتبارها نقطةً ساخنة ذات أهميةٍ بيئية للسلاحف البحرية، فقد عملت الحكومة ومجموعات الحفاظ على الحيوانات والبيئة على السيطرة على تلوث الولاية الضوئي في أماكن تواجد تلك السلاحف . حيث تتطلع هذه البرامج إلى استخدام أحدث التقنيات للتخفيف من وهج الأضواء الاصطناعية أو ببساطة تشجيع الممتلكات الخاصة على استخدام القدر الأدنى من الإضاءة . و حتى الآن ، تبنت 82 منشئة على الأقل في ولاية فلوريدا قوانين الإضاءة لتنظيم الإضاءة الاصطناعية على السواحل .
كما تُظهر الأبحاث أن مبادرات الحفظ هذه قد نجحت في الحد من التلوث الضوئي على الشواطئ على الرغم من التوسع الساحلي في فلوريدا حيث يمكن أن يكون التخفيف من التلوث الضوئي فرصةً لقطاع السياحة لجذب السياح المحبين للبيئة وخلق بيئةٍ مريحة وحميمة باستخدام الإضاءة الناعمة والشموع في الليل.
كما ويمكن للسياح المساعدة في تشجيع السياحة المستدامة من خلال الاستفسار عن نسبة التلوث الضوئي قبل حجز الإقامة في فندق ساحلي, بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات المحلية ألا تنتظر الشركات الخاصة لمعالجة مشكلة التلوث الضوئي، بل يجب أن تحدد المناطق ذات الأولوية للحفاظ على السلاحف البحرية وتبني قوانين الإضاءة المنخفضة و تطبيقها.



