في كتابه ( رقعة الشطرنج الكبرى ) يرى زيبغينو بريجنسكي أن بلقنة دول منطقة القوقاز وأوراسيا التي تضم أكثر من 400 مليون نسمة، يجب ان يكون هدفاً للولايات المتحدة لضمان تفردها في قيادة العالم ، عبر تدخلها في الصراعات التي ستحدث داخل دول هذه المنطقة ، ويضع بريجنسكي في رأس القائمة ثلاثة دول هي ( تركيا - إيران - كازخستان ) ..........
فإذا كانت ايران أثبتت تماسكها وقوتها بالرغم من الضغوطات والعقوبات والحرب الاقتصادية والاعلامية والمخابراتية عليها ....
واذا كانت كازخستان منطقة نفوذ روسية وحليف اول لموسكو لا تسمح بالتضحية به تحت أي ظرف ...
فإن تركيا ستكون الحلقة الاضعف التي ستلجأ الولايات المتحدة الى اطلاق شرارة البلقنة منها ، اذا ما ارادت تطبيق رؤية بريجنسكي الشهيرة ...
اليوم تقدم تركيا الاردوغانية العثمانية نفسها للأميركي كقوة قادرة على تنفيذ المخطط الاميركي في منطقة اوراسيا والبلقان وحتى شرق المتوسط ، ، وتحقيق الاجندة الاميركية ، من خلال التدخلات واشعال التوترات في تلك المنطقة وتقدم ذلك كخطة بديلة عن خطة بريجنسكي التي ترى في تفجير تركيا على انه الإجراء الافضل ، حتى الان لا تمانع الولايات المتحدة ان يقوم اردوغان في تنفيذ خطته البديلة ، وبالنسبة للولايات المتحدة وفي ظل ظروفها التي تمر بها ، ترى في بهلوانيات اردوغان في كل الاتجاهات عملا جيدا يخدم مصالحها الحالية ويعرقل تسارع النفوذ لكل من روسيا وايران والصين ، ويساهم في تحسين اوراق التفاوض لها في ملفات شتى عالقة بينها وبين القوى الثلاث ، فماذا يضرها من هذا الدور الوظيفي المجاني الذي تقوم به تركيا في الوقت الضائع ..
في الجانب الآخر فإن القوى الثلاث ( روسيا والصين وايران ) تدرك ايضا ما تقوم به تركيا وتتعامل معه ايضا كخيار افضل من خيار اسقاط تركيا في المرحلة الحالية ، ريثما تكون قد حققت مزيدا من النفوذ وانهت العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية على مستوى الاقليم والعالم ، واغلقت العديد من الملفات العالقة في اكثر ساحة من الساحات ...
بالمحصلة فإنه بالنهاية ستاتي اللحظة التاريخية االتي سيجد التركي نفسه فيها قد قدم اكبر من حجمه وتشتت على اكثر من جبهة وتورط مع الجميع ، وسيجد الاميركي نفسه مضطرا للتضحية به في ظل استمرار تراجعه وانكفائه وانشغاله باوضاعه الداخلية المستجدة ، وزيادة الضغط عليه من قبل المحور الشرقي ، وسيضطر للعودة الى خطة بريجنسكي ....
م.حيان نيوف