الخطاب الديني ولغة المصالح
مقالات
الخطاب الديني ولغة المصالح
حليم حاتون
6 كانون الأول 2021 , 19:14 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 


الدين الذي يمكن أن يكون ”أفيونا للشعوب" كما هو الحال مع "حلاب الدين الأكلنجي"، وفقاً لشعر احمد فؤاد نجم، وغناء الشيخ إمام...

يمكن كثيرا أن يكون موقداََ للثورة على الظلم وجمراََ تحت أرجل المحتلين حسب زياد الرحباني في قوله، " طار الملك، وطار الشاه... طاروا بعون من الله..."

من يتابع كلمات بعض قادة المقاومة في لبنان، قد يحتار أين يضع هذا الخطاب بين الفئتين...

هو يحتار لانه يثق بالمقاومة ويثق بدفاعها عن الوطن، لكنه يرى كيف ترقًد هذه المقاومة نفسها الناس وتردعهم عن الثورة لاقتلاع الظلم والظالمين...

السيد ابراهيم السيد ينتقد من ينتقد سياسة حزب الله في ما خص ما يجري في لبنان منطلقا من عجز النظام عن إصلاح نفسه...

لن يختلف المرء مع السيد في عدم إمكانية إصلاح النظام، لكن سوف يختلف معه في سبب عدم هذه الإمكانية...

النظام يا مولانا غير قابل للإصلاح لأن القيمين عليه لصوص وفاسدون عن سابق إصرار وتصميم...

هم ليسوا مذنبين بالصدفة...

أما صفة العجز، فهي مرتبطة حصرا بمن يملك الأرض، ومن يملك قلوب الناس ولا يوجههم لخلع الحاكم الفاسد...

من يستمع لكلمات السيد صفي الدين، لا يعرف ما هو المطلوب من الناس...

السيد صفي الدين يهاجم العملاء والخونة وأدعياء السيادة...

عمليا، هو يضع أكثر من نصف الشعب اللبناني ومعهم كل الطبقة السياسية في موقع الهجوم...

يقول لهم السيد صفي الدين أنهم سوف تخيب آمالهم حتما لأن سر قوة المقاومة هو في إيمانها...

وان هذا الإيمان هو مصدر النصر القادم...

شعار براق، يفتقد إلى مقومات حسية للتأثير وللبقاء

أيضاً يجب لفت انتباه السيد صفي الدين أن العملاء والخونة وأدعياء السيادة هم اساسا فاقدي إيمان ولا يهتمون للخطاب الديني إلا حين يخدم هذا الخطاب مصالحهم...

بصراحة كلمات السيد لا تؤدي إلى أي شيء عملي...

لا هي تحرك الناس وتجعلهم يقومون بثورة يحرص حزب الله أشد الحرص على أن لا تقوم، ولا هي تخيف العملاء لأنهم أساساً لا يهتمون لا بالله ولا بعبيده...

الإيمان الذي يتحدث عنه السيد صفي الدين هو الإيمان الذي حول المساجد والحسينيات مراكز انطلاق الدعوة لمقاومة المحتل حتى اندحر هذا المحتل عن معظم الأرض...

لكن هذا الإيمان لم يجد في مقابله من يطلب من الناس عدم المقاومة...

لذلك نجح...

حتى لا يكون هذا الإيمان الذي يتحدث عنه السيد صفي الدين "أفيوناََ" يمنع التطور الثوري للمجتمعات، يجب أن يقترن بالدعوة إلى قبع النظام...

أيهما اهم قبع القاضي بيطار، وهو بنظر الكثيرين يستحق القبع، أم قبع النظام بأكمله...؟

السؤال التالي المهم، هو إلى أي مدى يمكن للخطاب الديني أن يكون ثوريا...؟

إذا كان قسم كبير من جمهور المقاومة يقتنع بالخطاب الديني ومستعد أن يمشي مع المقاومة حتى النهاية... فإن هناك قسما غير قليل من هذا الجمهور نفسه، ومعه قسما كبيرا من الشعب اللبناني لا تقنعه لا الاديان السماويه ولا الشرائع ولا الإيمان...

هو يقتنع بلغة المصالح...

ولغة المصالح ليست قطعاً في التبعية لفرنسا أو لمحمد بن سلمان...

هل لغة المصالح هي ببيع الدولة من أجل رفاه مرحلي تليه المصائب... كما يطالب الكثيرون من ١٤ آذار ويتماشى معهم كم لا بأس به من ٨ آذار...؟

بالتأكيد لا... لغة المصلحة الشعبية الحقيقية هي في لغة مصالح كل الشعب اللبناني...

وهذه المصالح خانها النظام وخانتها كل الطبقة التي حكمت عبر إفلاس البلد...

مصلحة الناس هي في قيام نظام محاسبة لكل الحقبة السابقة... هذا امر يريده كل الشعب اللبناني...

مصلحة الناس هي في السيطرة على قرارت المصرف المركزي...

هذا امر آخر يريده كل الشعب اللبناني...

مصلحة الناس هو إعادة كل المال الذي خرج منذ ١٧ تشرين وحتى اليوم... هذا امر يريده كل الناس...

مصلحة الناس هو في نظام ضريبي ونظام جمركي يضع حدا للسرقات التي تقوم بها كل الشركات الكبرى والافراد من الطبقة الحاكمة...

مصلحة الناس هو في إقامة معامل كهرباء ووضع حد للمولدات...

مصلحة الناس هي في وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع التضخم الذي حصل...

قد يخرج من ينظر علينا ويقول إن خزينة الدولة لا تحتمل...

نحن نتحدث عن رفع الحد الأدنى للأجور يترافق مع تجميد مؤقت لكل ما هو فوق الحد الادنى إلى أن تستعيد الدولة السيطرة على مواردها...

الذين عليهم التحمل هم ليسوا الطبقات الأكثر فقرا في المجتمع...

الذين عليهم التحمل والصبر هم من يملكون قوت يومهم...

إذا كانت الحكومة لا تعرف من هم هؤلاء، عليها ارسال مراقبيها إلى المطاعم والملاهي حيث يقف الناس بالطوابير في السيتي سنتر مثلاً حيث وجبة الطعام تزيد على نصف الحد الأدنى للأجور...

إذا أراد السيد صفي الدين أن يجعل خطابه الديني يحمل معنى، فعليه إقرانه بلغة الدفاع عن قوت الفقراء...

لغة الخطاب الديني الثوري قد يستجيب لها جمهور المقاومة أو معظمه...

أما لغة الدفاع عن مصالح الناس، سوف تستجيب لها كل الجماهير من كل الطوائف لأن الاغبياء فقط هم من يبقى على ولاء الزعيم عندما يعض الجوع بطون أولادهم...

مرة أخرى... ليس المطلوب من حزب الله المطالبة بما يطالب به الناس...

المطلوب من حزب الله قيادة الناس كي تحقق هذه المطالب