الإنسانية عندما تتسيد الموقف.. قصة حقيقية حدثت في ماليزيا.
منوعات
الإنسانية عندما تتسيد الموقف.. قصة حقيقية حدثت في ماليزيا.
9 كانون الثاني 2022 , 08:16 ص


دخل رجل إلى أحد فروع الهايبر ماركت البريطاني الشهير Tesco المنتشرة في ماليزيا، وتناول بعض علب العصائر الرخيصة وشيئًا من الفواكه يعادل ثمنها 7 دولارات أمريكية، وحاول الخروج بها خلسة من دون أن يدفع الثمن .

اقترب منه (محمد رضوان) مدير الفرع، حيث كان يتابعه على شاشات المراقبة في مكتبه.

أُسقط في يدي الرجل، واعترف فورًا بأن نيته كانت السرقة وعدم الدفع.

هدّأ (محمد رضوان) من روعه وطلب منه معرفة السبب الذي دفعه إلى ذلك.

أقسم الرجل وهو في حالة يرثى لها من الخوف والارتباك أنه ترك عمله منذ فترة، لرعاية أطفاله الثلاثة وزوجته التي أنجبت حديثًا، وأصيبت بغيبوبة بعد الولادة..!

إستبقى (محمد رضوان) الرجل في مكتبه، وأرسل أحد أفراد الأمن إلى منزل الرجل، بحسب العنوان الذي قدمه، للتأكّد من صدق روايته.

وفعلًا، تأكّدت رواية الرجل المسكين، فبادر (محمد رضوان) إلى منحه السلع التي أراد الحصول عليها مضافًا إليها أطعمة ومواد غذائية وسلعًا أخرى، ومنحه مبلغًا من المال، وعرض عليه وظيفة في الهايبر ماركت الذي تكفّلت الشركة المالكة له بدفع نفقات التحاق الأطفال بالمدرسة ومعالجة الأم المصابة بالغيبوبة..!

القصة هزت ماليزيا خلال أيام قليلة، وتم عرضها مرات عديدة على شاشات القنوات المحلية وفي الصحف، حتى وصل صداها إلى المقر الرئيسي لشركة Tesco في بريطانيا.

قامت الشركة بالتبرع بكوبونات شراء تكفي الرجل وعائلته سنة كاملة.. وتم عرض القصة في بعض القنوات والصحف البريطانية مع الكثير من عبارات الثناء على (محمد رضوان) مدير الفرع الذي أصبح فجأة مشهورًا في جميع أنحاء ماليزيا وبريطانيا..!

لو كان مدير الفرع سلّم الرجل للشرطة لكان حدثًا عاديًا يحدث كثيرًا، فلا يكاد يشعر به أحد..

فكثير من المحلات تحبط محاولات سرقة، وتلزم أصحابها بالدفع أو مقاضاتهم.

أما (محمد رضوان) فقد سلك مسلكًا إيجابيًا مختلفًا، مسلكًا نبيلًا وإنسانيًا، مسلكًا رحيمًا وطيبًا وغير معتاد.. فكانت النتيجة شلالًا لا يكاد يتوقف من الايجابية التي حركت عوامل النبل والرحمة لدى شركات تجارية وأشخاص ومؤسسات.. وفتح طريقًا للتوبة لذلك الرجل.

بلغت شهرة (رضوان) نفسه الآفاق، وكذلك السوق الذي يعمل فيه، حيث تتابعت أفواج المشترين بزيادة كبيرة جدًا، للشراء من هذا السوق الذي يمتلك حسًا إنسانيًا عاليًا..

فالرحمة قبل العدل، والعطاء يفتح أبواب الرجاء والأمل، ويبعث على صالح العمل.. وثمار الرحمة والنبل والتسامح أكثر وفرة من ثمار العدالة نفسها.

وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم القائل: (من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله).

وكما يقول الدكتور مصطفى محمود: الرحمة والعطاء أعمق من الحب وأصفى وأطهر، ففيهما الحب وفيهما التضحية وفيهما إنكار الذات والتسامح والعطف والعفو، وفيهما الكرم والرأفة والمروءة وكل الصفات الإنسانية الأفضل والأجمل..

فكلنا قادرون على الحب بحكم الفطرة البشرية، ولكن قليلين هم القادرون على الرحمة والعطاء والتسامح في مواقف العقاب والقوة.

وهذا ما يقوله الشافعي في أبياته المذهبة :

ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ

ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ

ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭجل

ﺗﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ

ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣــﺪ

ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ

ﻭاﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﺖ

ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ

ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ

ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕ‬.