سوف يستلزم الأمر عدة أيام حتى يتبين اللبنانيون أن النتائج لم تغير شيئا كبيرا في الخريطة السياسية لهذا البلد...
الخاسر الأكبر في هذه الإنتخابات، كان في الحقيقة سعد الحريري الذي تعرض مرة أخرى إلى الخيانة من قبل أقرب المقربين إليه في تيار المستقبل...
لقد راهن الرئيس الحريري على مقاطعة تظهر للسعودية أن الطائفة السنية المنقسمة اصلا إلى ثلث مقابل ثلثين:
ثلث عروبي يرفض التخلي عن فلسطين وعن الشعب الفلسطيني؛ يرفض التطبيع جملة وتفصيلا، كما يرفض النهج الخليجي الذي تبلور مع وصول ترامب إلى رأس السلطة في أميركا المرتكز إلى صفقة القرن وتحويل الفلسطينيين إلى هنود حمر في غيتوات داخل وطنهم...
وثلثين، تحت قيادة المستقبل، وقيادة الرئيس الحريري تحديدا الذي وحده، يستطيع تجيير القرار السني إلى السير تحت قيادة السعودية...
كان المفروض بهذه المقاطعة أن تظهر لمحمد بن سلمان أن أكثر من نصف السنة لا يزالون مخلصين لتيار المستقبل وللرئيس سعد الحريري تحديدا...
راهن الرئيس الحريري على أن السعودية سوف تتواصل معه، وتدعو إلى التراجع عن المقاطعة وتعود إلى دعمه بعد أن يتبين لها أنه لا يزال الرقم الصعب في ١٤ آذار...
كان مستعدا لفعل هذا فقط من أجل عودة الاحتضان السعودي له وتيار المستقبل...
توالت السهام على الشيخ سعد...
الخيانة، بدأها السنيورة في اليوم التالي لقرار الشيخ سعد...
لكن جمهور المستقبل ظل متماسكا بعض الشيء خلف وريث الرئيس رفيق الحريري، ورفض حتى مبايعة بهاء... ناهيك عن الآخرين...
أحس سمير جعجع ووليد جنبلاط بالمصيبة الآتية حتما...
بدون الصوت السني، سوف تقع خسائر فادحة عندهما...
توالى سفر وفود القوات، والاشتراكي إلى الرياض...
تم الاتصال بشينكر وفيلتمان والطلب إليهما التدخل لدى محمد بن سلمان من أجل العودة إلى لبنان...
ذهب رجل السعودية عند جنبلاط، وائل ابو فاعور إلى الرياض ليشرح خطورة غياب الدعم السعودي، وإمكانية اكتساح جماعة محور المقاومة للمجلس النيابي والتحكم باكثرية الثلثين وتغيير الدستور وتثبيت سلطة حزب الله...
هرع وليد جنبلاط نفسه إلى باريس لنقل الرسالة نفسها الى ماكرون...
نجح الثنائي القواتي الاشتراكي في المسعى...
عاد البخاري...
عادت اكياس المال...
تراجع مفتي الجمهورية عن دعم الرئيس الحريري وراح يدعو علنا وبقوة ضد المقاطعة...
تخلى مصطفى علوش وفتفت وكباره عن الرئيس الحريري...
هكذا افشل جعجع وجنبلاط تكتيك الشيخ سعد الذي وقع في حفرة لم يساعده على الخروج منها كل من شرب من كأس قريطم، أو أكل من صحنها يوما...
خسر الشيخ سعد الرهان...
أمام الرئيس الحريري الان حل واحد لا ثاني له...
لن تكون السعودية سندا له حتى لو نزع كل ثيابه ووقف عاريا أمامها...
فرنسا ومصر والإمارات وتركيا واي كان آخر... لن يقف معه ضد محمد بن سلمان...
بعد أن أكل كل الانتهازيين في الداخل من صحنه وصحن والده، يريد هؤلاء الآن اكله حيا، وقراءة الفاتحة عن روح الحريرية...
الحل الوحيد أمام الشيخ سعد أن يتخلى عن التبعية للمال والركض خلفه...
عليه التخلي عن التبعية لمن يريد تدميره... والعودة إلى الوطنية اللبنانية حصراً...
محمد بن سلمان لن ينظر الى سعد الحريري، طالما هذا الأخير يلهث بخزي خلفه...
إذا صدقت أنباء الفجر، فإننا عدنا إلى نفس الوضع السابق مع تقدم القوات اللبنانية مما يعني أن المقاومة سوف تقف الان أمام وضع لن تستطيع بعده الإستمرار في سياسة المراوحة...
لقد ولى زمن الحلم، وجاء زمن الحزم...
لا يستطيع حزب الله الإستمرار في دفن الرأس تحت الرمال...
لقد أثبت السعوديون والأميركيون أنهم قادرون على تشديد الحصار وزيادة المعاناة عند اللبنانيين والاستمرار في التحكم بجزء كبير من الشعب اللبناني المستعد لخدمة المشروع الأميركي حتى لو أدى ذلك إلى خراب البصرة...
الذي تسبب بحرب الجبل والويلات التي تلتها، لن يتورع عن التسبب بحرب تفوق ما حدث في الطيونة...
هل سوف يستمر حزب الله بالخضوع لأعداء الداخل خوفا من الفتنة التي صار يبرز أصحابها أسنانهم كل يوم أكثر...
أمام حزب الله حل واحد لا غير
إذا أراد الحفاظ على الزخم الجماهيري الذي لا يزال يملكه...
هل سوف ينتقل حزب الله الى التعاون مع أزلام السعودية...؟
هل سوف نرى انعكاسا لمفاوضات طهران والرياض، بتعاون بين حزب الله والقوات...
إنه التحدي...
ان الغد لناظره قريب...
نحن أما المفصل في القرار...
إما محارة الفساد او السير فيه...