كتبت الكاتبة السعودية نداء آل سيف:
لقد آن الأوان أن يسحب خَدَمَة زوار الإمام الحسين (ع) في كربلاء البساط من تحت أقدام حاتم الطائي وغيره، ممن اشتهروا بالكرم عبر التاريخ.
فلطالما كان اسم حاتم الطائي مقروناً بالكرم والجود والعطاء بلا حدود . بيد أن بوصلة التاريخ لابد أن تتغير اليوم، والأمثال لا بُدَّ لها أن تتحول.
فعطاء حاتم يتوارى أمام عطاء أهالي العراق لزوار الأربعين.
في الحقيقة، ما دفعني لكتابة هذه المقالة، هي صدمة المقارنة، بين الكرم والسخاء اللامتناهي، الذي يلقاه زائرو كربلاء مادياً ونفسياً، وبين ما يجري في بلادنا من جفاء لحجاج بيت الله الحرام؛ فقد حظيتُ، خلال السنوات العشر الماضية، بخدمة الحجاج في أكثر من حملة للحجيج، إلا أنه وعلى النقيض من كل الخدمات المجانية التي يلقاها الزائر الماشي على قدميه بين النجف وكربلاء، على مدى ثلاثة أيام أو أكثر، والتي تبدأ من الغذاء والسكن والخدمات الصحية، ولا تنتهي بخدمة تدليك الأقدام، وتلميع الأحذية، لم أجد في مكة المكرمة أكثر من علبة ماء تلقيتها ذات مرة على طريق مِنى !.
الفرق شاسع و لامجال أصلاً للمقارنة، بين ما يلقاه زائرو كربلاء وما يلقاه زائرو مكة.
في العِراق يستجديك الناس طمعاً بالتشرف بخدمتك مجّاناً، أمّا في السعودية، فما عليك إلا أن تحمد ربك كي لا تضطر للاستجداء، نتيجة الأسعار المتصاعدة صاروخياً، عاماً بعدعام،في السكن والغذاء والنقل.
أسئلة كثيرة دارت بداخلي، وتمنيت لو يجيبني عليها أحد.
ألسنا أولى بهذه الخدمات، ونحن أغنى من العراق بأضعاف مضاعفة؟ أليس الحج هو الفريضة التي أوجبها الله على المسلمين، فكان من الأجدى بنا أن نتفانى في خدمة الحجاج؟
وكمواطنة سعودية، أنتمى لبلاد الحرمين، أتمنى فعلاً أن تكون هناك مشاركة مجتمعية من الأهالي والحكومة في خدمة الحجاج، وأن تتاح الفرصة لتقديم العطاء لهم،عساها تكون خير فرصة لتغيير صورتنا التي بدأت تتلوث بسواد العنف والتعصب.
بعد رحلتي على طريق المشاية، بين النجف وكربلاء، لا أتردد في القول مرة أخرى لحاتم الطائي: أن لا مكان لك اليوم، أمام مارأيناه على طريق المشاية من عطاء وكرم وأخلاق العراقيين،خَدَمَة زوار الإمام الحسين؛ فقد فاقوا كرمك بما لا يحويه الوصف.
اﻻ يستحق منا ان نطلق على هذه اﻻيام (الصفريه) ايام السلام العالمي،وندعو المنظمات الدولية لحضور هذه التظاهرة السلمية والخدمية، والكتابة عنها ومشاهدتها حضورياً ..