كتب الأستاذ حليم خاتون: حديث ما قبل النوم، وزومبي الجنرال
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: حديث ما قبل النوم، وزومبي الجنرال
حليم خاتون
18 أيار 2023 , 21:24 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

إذا كان مراد التيار الوطني الحر أمس في استحضار الرئيس ميشال عون على ال OTV تقوية موقف قيادة التيار الحالية، وما تقوم به من اتصالات مع القوات اللبنانية والكتائب؛ فقد بدا من سياق المقابلة أن الرئيس عون في حالة غيبوبة جزئية عما يحصل هذه الأيام، ليس فقط في التيار، بل حتى في لبنان...

بشكل عام، بدا الرئيس في حالة تقدم كبير في السن يشبه إلى حد كبير حالة النظام الحالي القائم في لبنان...

بدا الرئيس في حالة عجز في استجماع الأفكار وغيبوبة عن الواقع، تماماً كما حال النظام اللبناني الحالي العاجز عجزاً كاملاً عن تلبية متطلبات إصلاح وتطور المجتمع...

لكن، وفي الوقت عينه، بدا أن هناك مساحة فراغ كبيرة جداً، وواسعة جداً تفصل بين ما يقوم به الوزير باسيل وقيادة التيار حالياً، وأفكار الرئيس التي تلفظ بها أمس، رغم كثرة تشتت هذه الأفكار، واختلاط الأماني مع الواقع المأزوم، يصل إلى حد النكران في الكثير من الوقائع...

لعل أهم موقف قاله عون، ولم يعجب مقدّمَي البرنامج، ولن يعجب جبران باسيل قطعا، هو حين رفض عون أي فيتو على اي مرشح للرئاسة من قبل كل الأطراف على حد سواء...

الغريب أن عون كان أكثر تحديداً على استحالة إمكانية اصلاح هذا النظام من كل المواقف التي تصدر هذه الأيام على ألسنة مسؤولي التيار...

ربما كان من الأفضل لصحافي التيار ميشال أبو نجم الذي ظهر على الشاشة في نفس اليوم، الاستماع الى ما قاله عون قبل الخروج وقول بعض ما قاله مع السيدة نانسي نفسها...

كرر الاستاذ ميشال مواقف لا تنسجم لا مع ما قاله الرئيس في المقابلة، ولا حتى مع ما تفوه هو نفسه به في مقدمة مطالعته حين تحدث عن الأقلية الفاعلة، ودور الطليعة في تثوير المجتمعات...

خرج السيد ابو نجم، كما يخرج غيره من الباسيليين، يتحدث عن ثلاثة أسماء لمرشحين أو ما يقارب، دون الإفصاح عن هذه الأسماء، وكأن على الناس أن تنتظر مفاجأة ربح اللوتو أو اليانصيب الوطني وقت الجلسة...

تكتيك جعجع، في خدمة استراتيجية العداء لكل ما هو مقاومة لأميركا وإسرائيل...

أين استطاع التيار والقوات والكتائب إيجاد ذلك الملاك الطاهر الذي سيقوم بالمهمة المستحيلة ويلعب دور توم كروز في إنقاذ لبنان من "الدولة العميقة" التي غرق في وحولها ميشال عون؟

لا احد يعرف...

كل الاسماء المطروحة بلا استثناء تملك ماض لا يستطيع أن يكون ذلك السوبرمان الآتي من الفضاء الخارجي والذي يطمئن كل القوى الأساسية في البلد، بما في ذلك عمالقة الدولة العميقة الفاسدة وضحاياها في الوقت عينه...

طالما أن اسم الوزير جهاد أزعور قد تسرب ولم يقم أي كان بالنفي... فلنتناول هذا الإسم وما يشكله من مميزات...

أولاً، يظهر من حديث الصحافي حسن عليق على موقع المحطة، أن ويكيليكس فضحت الوزير أزعور ومدى ارتباطه هو، والوزير سامي حداد من حكومة فؤاد السنيورة، بالسفير الأميركي يومذاك، جيفري فيلتمان، حيث ظهر بوضوح أن الوزير أزعور كان يعمل واشيا ومحرضا ضد حزب الله، وحتى ضد غيره من وشاة السفارة في محاولة تبييض صورته أمام الأميركيين كي يصل، كما حصل فعلاً، الى مواقع في الهيئات الدولية التي يسيطر الاميركيون على القرار فيها، مثل صندوق النقد مثلاً...

ثانياً، أن الوزير أزعور كان مرفوضا من قبل سمير جعجع لأن باسيل يدعمه، وان القبول به جرى فقط بعد تدخل فؤاد السنيورة المتهم من قبل أكثر من مصدر ظهر على موقع إضاءات، وفضح ارتباط السنيورة هذا مع المخابرات المركزية الأمريكية...

ثالثاً، كيف يمكن القول إن الوزير فرنجية يشكل جزءا من المنظومة الفاسدة، وهو اعترف بعظمة لسانه بذلك، ويتم نفي ارتباط الوزير أزعور بنفس هذه المنظومة وهو كان وزير مالية في حكومة السنيورة، وكان مسؤولا عن الكثير من السياسات المالية التي أدت إلى الإنهيار الكبير الحالي...

حتى الرئيس عون، على تشتت أفكاره، لم يستطع تمرير هكذا خطيئة حين تحدث عن استحالة الإصلاح إذا لم يسبق هذا تغيير فعلي في نوعية الأشخاص وفي بنية النظام...

أم أن الوزير باسيل وجماعة باسيل في التيار يريدون إعطاء ضمانات عن جهاد أزعور أو غيره من الأسماء تشبه الضمانات التي أعطيت قبلا في اختيار القاضي سهيل عبود على رأس القضاء الذي وصفه الرئيس عون نفسه في حديثه أمس بأنه فاسد حتى العظم...

أم سوف يأتي الوزير جريصاتي لطمأنة حزب الله كما فعل مع طارق البيطار الذي تبين أن كل ما يملكه من استقامة القوميين السوريين، ليس أكثر من خيط رفيع يخفي عورات فيل طائر...

المشكلة هي باختصار أن التيار كما القوات، كما الكتائب لا يفتشون عمن يمكنه قيادة اصلاح، بقدر ما يبحثون عمن يستطيع الحصول على رخصة مرور إلى بعبدا من قبل الرئيس بري، شرط أن لا يكون هذا الشخص، سليمان فرنجية...

أنها النرجسية اللبنانية عموماً، والمارونية تحديداً في تحالف الأضداد ضد أي كان في سبيل الأنا المارونية القاتلة...

يتهمون الرئيس بري بقيادة منظومة الفساد، ثم يريدون منه توافقا على اسم يحارب الفساد...

ليس في الامر أي دفاع عن سليمان فرنجية، فالرجل مثله مثل غيره لا يمكنه حتى لو أراد أن يفعل أي شيء لسبب بسيط، هو أن كامل النظام القائم ينخره السوس من كل الجوانب، وهو عصي على أي إصلاح دون هدم كل الاساسات المُخلخلة لبناء جمهورية الطائف التي لم تختلف في الجوهر الطائفي عن الجمهورية الأولى العفنة للبنان ال ١٩٤٣...

ثم كيف يمكن الحديث عن المساواة الكاملة بين اللبنانيين ضمن قانون انتخاب يقوم على التفرقة حسب الطائفة، وحسب المنطقة الجغرافية، والتقسيمات الإدارية التي تتحكم بها نفس الدولة العميقة بشقيها الحديث من جمهورية الطائف، أو القديم من جمهورية ال ٤٣...

يخرج في نفس اليوم سامي الجميل يتحدث عن مواطنين من الدرجة الثانية قاصداً نفسه ومن معه، بينما اتباع حزب الله هم مواطنون من الدرجة الأولى رغم أن هؤلاء لا يستطيعون الدخول في الملاك، وفي المؤسسات العامة إلا بشق الأنفس بسبب النظام الطائفي الذي يفرض عندهم منافسة شديدة لا تتوافر عند جماعة الجميل والقوات...

حزب الله المتهم بالسيطرة على الدولة وهو لا يستطيع وضع بيضة في مقلاة...

حزب الله الذي رغم "فائض القوة" لديه عجز عن انزال باخرة مازوت في الزهراني أو طرابلس في عز الأزمة والبرد والحصار...

حزب الله الذي رغم كل ما يقال عنه وعن سيطرته على الدولة عجز عن وضع حد لقاض ظهر بوضوح أنه يخدم أجندة أميركية تهدف لتخريب لبنان عبر فتنة قد تصل إلى حرب أهلية...

حزب الله المسيطر على كل مفاصل الدولة في لبنان ولكنه عجز عن قبول هبة قمح وذخيرة روسية، أو مشروع إنماء ايراني أو صيني في الوقت الذي تصل استثمارات الصين في الكيان المحتل إلى عشرات المليارات من الدولار....

مرة اخرى، ليس دفاعاً عن عجز حزب الله لأن هذا العجز الداخلي ناتج بشكل أساسي عن تركيبة الحزب الطبقية التي لا تختلف كثيرا عن تركيبة القوات...

الفرق الوحيد بين الاثنين هو في الهوية الطائفية، وفي العداء لإسرائيل...

مرة أخرى ليس دفاعاً عن سليمان فرنجية...

الرجل مثله مثل غيره لن يستطيع تغيير موقع مسمار في هذا البلد، طالما أن النظام بكامله قائم على الحصص الطائفية وليس على مبدأ الحقوق المدنية...

طالما أن السلطة تنبثق من الشعب، لماذا لا تجري أي عودة إلى هذا الشعب في مسألة وضع الدساتير وانتخاب المسؤولين الأساسيين في كل هرم السلطة...

حلم الثوار الحقيقيين في لبنان، هو حلم ابليس في الجنة...

كل القوى على الساحة اللبنانية بعيدة عن التقدمية والمساواة بين أهل البلد الواحد بعد النجوم عن بعضها البعض...

حزب الله يراعي الشريك المسيحي ويتوقف عن العد، وسمير جعجع وسامي الجميل يريدون ديمقراطية الأكثرية الأقلوية بعيدا عن التمثيل الشعبي الصحيح في وطن يتشدق الكل بالمطالبة بالمدنية، ويحارب هذه المدنية كل القوى دون استثناء...

سامي الجميل الذي يستحق موقع مختار في بكفيا، يفرض نفسه نائبا عن الأمة التي بالكاد يعرف ما عانته وما كانت تعانيه أطراف هذه الأمة وهذا الوطن، منذ النكبة وانشاء الدولة الكولونيالية في فلسطين...

من استمع أمس إلى الجنرال عون يتكلم، ومن يسمع ما يقوله جبران باسيل والشلة التي استولى بموجبها على التيار، يدرك إلى أي منزلق يتجه البلد دون كوابح...

كأن زمن المسيحية القومية العربية في لبنان أصابها فايروس العروبة الحديثة التي دمرت العراق وسوريا واليمن، وهي تقوم اليوم بتدمير لبنان والسودان خدمة للإمبريالية الأميركية التي لا ترى في كل هؤلاء سوى خدما لربيبتها، اسرائيل...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري