طهروا بلاد الشام من رجس الاصنام
مقالات
طهروا بلاد الشام من رجس الاصنام
م. زياد أبو الرجا
25 آب 2023 , 12:49 م


×لم تشكل الوثنية عبر التاريخ البشري الطويل وفي كل بقاع العالم انقساما في مجتمعاتها بل حافظت على الوحدة كاطار والتعددية الثقافية داخله. كما انها لم تشكل حالة نكران للخالق.

((يقول الباحث السوري عماد الصباغ في كتابه الاحناف دراسة  في الفكر الديني التوحيدي في المنطقة العربية  قبل الاسلام  -دار الحصاد-:  الخالق الخفي الذي لا يمكن ان تمثله رسوم او تجسده تماثيل، واذا كانت الارباب دائمة الظهور  في النقوش والمنحوتات، فهذا يعود الى انها في الواقع مخلوقة مثل عبادها لحظة نطق الكلمة الالاهية : " جعل صوته مسموعا ، فجاء الالهة الى الكينونة ، الا انه الخزاف المبدئي الذي اخرج الالهة والبشر من بين يديه."

لقد خلق الكون بمادته .. واربابه.. وحيواته جميعا، عند نطق الكلمة وعند ذلك فقد بدأ الزمان ..وتشكل المكان ..ووجدت الحياة.

ان فارقا شاسعا ، يفصل ( مبدأ الخلق )، الواحد، المطلق، عن الارباب ، هذا الفارق هو المسافة بين الخالق والمخلوق، بين الله والعبد ، وهنا ليست هناك اي فسحة للخلط وسوء الفهم ، ليس هناك مفردات مثل " الوثنية" التي دأب الشطر الاعظم من الباحثين ، على اطلاقها في اطار حديثهم عن العمق العقيدي لديانات الشرق العربي القديم ..))

×-كل التماثيل المنحوتة او المرسومة على الجدران، او المستقلة بذاتها كالاصنام، لا تبرح مكانها لا في الليل ولا في النهار بل ياتي اليها الناس للتمسح بها وتقديم العطايا والنذور والقرابين. على الرغم من تطور الفكر الديني والديانات المسماة بالسماوية حيث نجد في الوصية الثانية من الوصايا العشر تحريما لتجسيد البشر والحيوانات ما دب منها على الارض ، او سبح في ماء الانهار والبحار. يلتزم اليهود والمسلمون حرفيا بهذه الوصية. ان العقل العربي الذي تشكل اللغة العربية لغة القرأن الكريم وميدان الثقافة الرحب لديه، يميل الى التنزيه ويأنف التشبيه. ولان العقل البشري يرهقه التعامل مع العلوم الهائلة في شتي المجالات الحياتية. فان عقله الباطن الموروث من زمن الاساطير يدفعه الى الخروج من قوانين العلوم الصارمة الى فضاء الاسترخاء خارجها، فنجد ان الشعوب المتطورة تلجأ الى الفنون بكل صنوفها وانواعها (( الموسيقى، المسرح، السينما، الرقص وارقى اشكاله الباليه، الالعاب الرياضية، الرسم، الشعر والرواية .... الخ)).

اما الشعوب التي تخلفت عن اللحاق بركب الحضارة العصرية. التي عمادها العلم والتطبيق التكنولوجي في الصناعة والزراعة وانتاج الثروة ومحصلتها رخاء المجتمع. فان هذه الشعوب ترجع الى ماضيها تفاخر به الانداد دون ان ينعكس تطورا ورخاءا على العباد. في حالة الانفصام " الشيزوفرينيا " تلجأ الى صناعة اربابها البشرية القديمة والحالية على حد سواء. وترفعهم الى مستوى القدسية والتأليه. فيخلقون الاها لطائفتهم ، يرجعون اليها في كل شؤون حياتهم. انهم ملوك الطوائف الذين يذهبون حبا وطواعية لرب الارباب الاستعمار الحديث، يقدمون له الطاعة والنذور وشعوبهم كقرابين. ان اكثر تجليات هذه الممارسة هي تلك المتجسدة في لبنان والتي استنسخها الامركي في العراق. ويتمترس في الاقليم لكي يعممها على بلاد النيل مصر والسودان وكل اقاليم الشام.

×-ان التخلص من هذه الاصنام التي تسير على الاقدام وما تمثله من الهة واوهام . هو المقدمة الحتمية القائمة على ثقافة وطنية تقدمية مسلحة بعلوم ومعارف العصر ولا تحسب حسابا لما  مضى من الفكر المتخلف المندثر. ثقافة تستخلص الايجابي من تراث مجتمعاتنا وتلقي في مكب النفايات ومحرقتها كل ما هو سلبي وخاصة السلبي الذي يلبس لباس الدين والتدين.

م/ زياد ابو الرجا.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري