كتب الدكتور محمد صادق الحسيني:
على الرغم من ان الذكرى الخمسين لحرب ١٩٧٣ المجيدة قد تصادفت مع موعد المولد النبوي الشريف ، وعلى الرغم انه من الطبيعي جداً ان يشيد سماحة السيد حسن نصر الله ، او اي قائد عربي آخر ، بانتصار الجيشين المصري والسوري في تلك الحرب ، الا ان توقف سماحة السيد عند الدور الذي لعبه الرئيس المصري آنذاك ، انور السادات ، والايحاء الى ما ترتب على هذا الدور من نتائج كارثية على العالم العربي بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ، يستدعي التوقف عند ذلك والتدقيق في كُنـهِ تلك الاشارة وجوانبها .
اما عن السبب الذي يستدعي التوقف ملياً عند هذه الاشارة ، فهو ان العدو قبل الصديق يعرف عن سماحة السيد حسن متابعته الحثيثة والتفصيلية لكل ما يدور داخل التجمع الصهيوني في فلسطين المحتلة ، سواءً تعلق الامر بنقاشات سياسية او عسكرية او امنية او حتى اجتماعية .
من هنا فان المحلل الموضوعي لا بد ان يلاحظ ان اشارة السيد تلك ( لما قام به السادات ) لا بد وان تكون مرتبطةً ارتباطاً وثيقا بما يدور داخل الدوائر الصهيونية ، حول مسار حرب ١٩٧٣ ، ونتائجها العسكرية والسياسية .
كما لا بد ايضاً ان يكون الجدل الدائر في الكيان الصهيوني ، حول اغتيال العقيد في سلاح الجو الصهيوني ، يوسف آلون ، قد استرعى انتباه سماحة السيد حسن نصر الله ، وهو الجدل الذي لا زال دائراً حول العقيد الجوي الاسرائيلي ، الذي كان من مؤسسي سلاح الجو الاسرائيلي ، وكان عند اغتياله ملحقاً جوياً في سفارة الكيان الصهيوني في واشنطن ، وقد تم اغتياله امام بيته في ضواحي واشنطن ، عند الساعة ٢٤:٣٠ ، فجر يوم ١/٧/١٩٧٣ ، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة الاميركية ، حيث اطلقت على صدره خمس رصاصات من مسدس حربي ، عيار ٣٨ ملم ، فر بعدها المنفذ / المنفذون الى جهة غير معلومة ، واعلنت وفاته في المستشفى عند الساعه ٠١ : ٢٧ من فجر نفس يوم ١/٧/١٩٧٣ .
وهنا لا بد من طرح السؤال الجوهري ، حول اشارة السيد حسن نصر الله الى دور السادات خلال الحرب المذكوره :
هل تعمّد سماحة السيد حسن التطرق لهذا الموضوع ضمن سياق عام ، حول الحرب ، ام ان لديه اسباباً اخرى ، ربما تتعلق بالجهة التي تقف وراء اغتيال العقيد الجوي الاسرائيلي في واشنطن ، خاصة وانها كانت المرة الاولى التي يتم فيها اغتيال مسؤول عسكري إسرائيلي في الولايات المتحدة الاميركية!؟
علماً ان الكثير من التساؤلات والملابسات لا زالت تكتنف مقتل ذلك العقيد الجوي الصهيوني ، ومن بين اهم تلك التساؤلات ما يلي :
١) لا زالت عائلة القتيل تصر على ان اغتياله قد تم مع سبق الاصرار والترصد ، وان من غير المتوقع ان تكون منظمات فدائية فلسطينية قد نفذت عملية الاغتيال ، وهو ما تنحى به العائلة الى ان تصفيته قد تمت على قاعدة معرفته ، او محاولة معرفة تفاصيل الصفقة السرية ، التي عقدها وزير الخارجية الاميركية آنذاك ، هنري كيسينجر ، مع السادات والتي اتاحت القيام بحرب محدودة ( طبقاً للخطة التي يدور الحديث حولها ) تؤدي الى تحريك الجبهات وكسر الجمود ، الذي كان يعتري جبهات القتال العربية الاسرائيلية ، منذ حرب ١٩٦٧ .
٢) على الرغم من الاهتمام الاميركي الرسمي ، بالعقيد القتيل ، بعد مقتله ، وقيام الرئيس ريتشارد نيكسون باصدار أمر رئاسي بنقل جثمانه ،بطائرة تابعة لسلاح الجو الاميركي ، من طراز : C 137 ، من قاعدة أندروس الجوية الاميركية الى مطار اللد ، فان جهود الادارة الاميركية ، لكشف ملابسات الاغتيال ، بقيت في اطار المعتاد .
٣) اما الدليل على ذلك فهو قيام جهاز التحقيقات الفيدرالي الاميركي : FBI باقفال التحقيق ، في شهر آذار /٣ /١٩٧٦ ، دون الوصول الى اي نتيجة .
٤) يضاف الى ذلك الفيلم الوثائقي الصهيوني ، بعنوان : من قتل والدي ( على لسان احدى بنات القتيل ) ، من انتاج : ليؤرا أمير بارامتس / Liora Amir Barmatz ، الذي بثته القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي ، في شهر نيسان ٢٠١١ يؤكد على ان لا علاقة للفدائيين الفلسطينيين بعملية الاغتيال تلك ، وانما هي عملية تمت ، كما يقول المؤرخ الاسرائيلي ،يوري ميلشتاين والعقيد،في الجيش الاسرائيلي، يعقوب اغاسي / Yakpv Agassi / بسبب اطلاعه على بعض عناصر ما كان يطلق عليه ، آنذاك ، خطة كيسينجر ، والتي هدفت الى اقامة رابط بين مصر و"إسرائيل" والولايات المتحدة الاميركية ، يسمح للاخيرة بالدخول الى المنطقة ( الشرق الاوسط ) كمنقذ للجميع .
٥) اما الامر الذي يصب في خانة اصحاب " نظرية المؤامرة " المقتنعون بان اغتيال العقيد الجوي الاسرائيلي قد تم بايدي عملاء " على ما يبدو امريكيين " بسبب اطلاعه على معلومات لم يكن من المفروض ان يطلع عليها ، نقول ان ما يصب في خانة هؤلاء هو قول رئيس "إسرائيل" السابق عيزر وايزمن ( كان قائداً لسلاح الجو الاسرائيلي ووزيراً للحرب قبل ان يتولى الرئاسة ) :
" ان جو قد قتل بسبب معرفته بأشياء لم يكن من المفروض معرفتها " ……. اقتباس حرفي لاقوال وايزمن .
٦) اما قائد الجبهة الجنوبية ، في الجيش الاسرائيلي ، خلال حرب ١٩٧٣ ، الجنرال : شموئيل لونين ، فقد قال للصحفي الاسرائيلي الشهير ، الذي كتب كتابا عن موضوع الاغتيال ، قال له الجنرال غورين حرفياً :
" لقد قتل - جو آلون - على يد رجالنا لانه علم بشيء لم يكن من المفروض / المسموح / معرفته .
وهنا نكرر السؤال :
هل كانت اشارة سماحة السيد ، حول دور السادات ، اشارة عابرةً في سياق عام ام ان لديه كنزاً من المعلومات ، التي يريد من خلال استخدامها ، خلق مزيد من الانشقاقات والخلافات والتصدعات ،سواءً داخل حكومة العدو او داخل المؤسسة الامنية والعسكرية ، الى جانب ما يمكن ان يثيره نشر مثل هذه المعلومات من خلافات وهرج ومرج بين الاحزاب والقوى السياسية في الكيان الصهيوني ، خاصة في ظل وجود بيئة سياسية هشة ومتفجرة داخل الكيان ، وقابلة للمزيد من التشظي واللايقين !؟
وفي مثل هذه الحالة ، ماذا سيكون دور جهازي الموساد والشاباك الاسرائيليين ، اللذين تعاونا مع جهاز التحقيقات الفيدرالي الاميركي / FBI / في اقفال التحقيق بقضية اغتيال العقيد الجوي : يوسف آلون ، في واشنطن !؟
الكلمه الآن للسيد حسن نصر الله
بعدنا طببين قولوا الله