أثبتت الدراسات أن التوتر يؤثر بشكل كبير على حياتنا اليومية، مما يؤدي إلى تكاليف باهظة في الرعاية الصحية تصل إلى 300 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها، بالإضافة إلى ذلك يسبب التوتر التغيب عن العمل وزيادة المشاكل الصحية. ومع ذلك، يمكن للقدرة على التعامل مع التوتر، المعروفة بالمرونة، أن تحدث فرقاً كبيراً في كيفية مواجهة تحديات الحياة.
أبحاث جديدة حول المرونة البيولوجية
قدمت أبحاث حديثة من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس (UCLA) رؤى جديدة حول بيولوجيا المرونة، موضحة أن التأثير لا يقتصر على الدماغ فقط، بل يمتد أيضاً إلى ميكروبيوم الأمعاء، وهي المجموعة الكبيرة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في جهازنا الهضمي.
الدماغ والمرونة
نُشرت الدراسة في مجلة "Nature Mental Health"، ووجدت أن الأشخاص الذين يتمتعون بمرونة أكبر لديهم نشاط أكبر في مناطق الدماغ المرتبطة بتحسين الأداء العقلي وتنظيم العواطف. بالإضافة إلى ذلك، كان لديهم ميكروبيوم أمعاء يختلف عن أولئك الذين كانوا أقل مرونة، قد تفتح هذه النتائج الباب لتطوير تدخلات جديدة لمساعدة الناس على إدارة التوتر بفعالية أكبر.
نهج جديد لدراسة المرونة
قام فريق البحث في جامعة كاليفورنيا بالتركيز على الأسس البيولوجية للمرونة، بدلاً من السمات النفسية والعوامل الاجتماعية التي ركزت عليها الأبحاث السابقة، كان الهدف من هذه الدراسة هو تحديد ماهية "الدماغ المرن" و"الميكروبيوم المرن" بهدف تطوير علاجات تعزز المرونة وتقلل من خطر الاضطرابات النفسية المرتبطة بالتوتر.
شملت الدراسة 116 بالغاً سليماً من منطقة لوس أنجلوس، وتم تقييم المرونة باستخدام مقياس كونور-ديفيدسون للمرونة. خضع المشاركون لأنواع مختلفة من التصوير الدماغي لتحليل جوانب مختلفة من بنية ووظيفة الدماغ. كما قدم المشاركون عينات من البراز لتحليل ميكروبيوم الأمعاء وتحديد النشاط الجيني والوظائف الميكروبية المرتبطة بالمرونة.
الاتصال الدماغي والمرونة
أظهرت بيانات التصوير الدماغي أن الأفراد ذوي المرونة العالية لديهم نشاط أكبر في القشرة الحزامية الأمامية والقشرة الجبهية، وهي مناطق تتحكم في استجابة "القتال أو الهروب". بالإضافة إلى ذلك، كانت لديهم اتصالات أقوى داخل شبكة الوضع الافتراضي للدماغ (DMN)، مما يشير إلى أن لديهم شبكة دماغية أكثر تنسيقاً تساعدهم على إدارة التوتر بشكل أكثر فعالية.
ميكروبيوم الأمعاء والمرونة
كشف تحليل ميكروبيوم الأمعاء عن اختلافات كبيرة بين مجموعات المرونة العالية والمنخفضة. كانت الميكروبات في المجموعة ذات المرونة العالية أكثر قدرة على إنتاج مستقلبات تقلل الالتهاب وتقوي حاجز الأمعاء. تلعب هذه المستقلبات دوراً حاسماً في الحفاظ على سلامة حاجز الأمعاء ومنع الالتهاب الجهازي، مما يساهم في تعزيز قدرة الأفراد على التعامل مع التوتر.