كتب الدكتور علي حجازي: ألفيل والحمار
ثقافة
كتب الدكتور علي حجازي: ألفيل والحمار", الجزء الثاني"
د. علي حجازي
9 أيلول 2024 , 06:41 ص


قصّة قصيرة.

   انشق وجهُ البابِ عن لوحةٍ قاسية. مربدًا أبصرته، مثل غيمةٍ مدفوعةٍ بعاصفة. أخذتُ أقيسُ مقدارَ صوتِ قصفِ الرعدة المنطلقة من فمه المقفل إن حكى .
   شرعنا نتبادل النظرات. لم يفتح لمقصده باباً في وجهه بعد.
-همست في سرّي :
    "بادر إلى دعوته إلى الداخل للوقوف على أسباب زيارته المفاجئة هذه"
- - أهلً وسهلًا .ما يغضبك . هوِّن عليك يا صاح ؟ تفضّل بالدخول.

       صوّب بصره إلى حذائه وقال:
- -انظر إليه جيّدًا إلى بريق لمعان جلده.
-أبصرت على وجه الحذاء بريقًا رائعًا، فتوجّهت إلى صاحبي مستفسرًا:
--- ما الذي ترمي إليه وتهدف قل؟
- - هذا جلدُ حيوانٍ عاشبٍ، لم يرقْ دمًا، ولم يستحلّ شعبًا، لم ينهبْ ثرواتٍ ،ولا خيراتٍ، ولم يُبدْ بشرًا ، ولم يُدمّر حجرًا ، ولم يصوّح شجرًا ، فأين وجه الشبه بينه وبين حزبي الحمار والفيل؟
- - إذًا ؛ ما يغضبك هو تشبيهُ الحذاءِ بحزبي الحمارِ والفيل؟
- - بالطبع. أليس هذا الأمر دافعًا إلى الزعل؟
- - أنت تعرف أنّني لستُ من قارن وشبّه.
- - أعرف جيّدًا أنّ "الفيدل" هو من أومأ إلى ذلك، غير أنََّك تبنيّت التشبيه ونشرته
- - صحيح ما تقوله يا صديقي
- -ما هو وجه الشبه بينهما؟ 
     قبل تلقي إجابتك بي رغبة محفِّزة على طرح بعض الأسئلة التي تشغلني، ويمكنك الإجابة عنها دفعةً واحدةً، إن شئت.
- - تفضّل أسمعك
- -أباستطاعتك الخروج حافيًا؟ ما الذي يحمي رجليك من الوحل والحرارة والرطوبة والحصى، وغير ذلك سوى الحذاء.
   
وفضلًا عن  الحماية،فهو متمّمُ  أناقتك، أليس كذلك؟ وبعد كلّ هذه،أنت تُهينُه إهانةً كبيرةً حين تُشَبِّهُ وجْهَهُ اللماعَ الجميلَ بِوَجْهَي الحمارِ والفيل ،أي الحزبَيْنِ المجرمينِ اللذين نعتهما صاحبي ناصر بما يستحقانه.
- - أسمِعني ما قالهُ صاحبُكَ ناصر
- - بل ستسمع الحقيقةَ منه مباشرةً
- - أيَّ حقيقة تقصد؟
- - حقيقةَ الحذاءِ الذي نُلمِّع جِلدَهُ بقليلٍ من الأصباغ ،في حين تَعجِزُ مصابغُ العالم ومدابغُه ومساحيقُها، عن تلميع صورة وجوهِ القتلةِ واللصوصِ والأنذال. 
هؤلاء الذين قتلوا ملايينَ البشر، وسرقوا ثرواتهم، ولا يزالون يقتلون وينهبون بوقاحةٍ ونذالة .

- - ما الذي تعنيه باللصوص والأنذال؟
-- صاحبي ناصر سيمنحك فرصة كتابة الجزء الثالث من قصّة " الفيل والحمار، فلا تتعجّل، وقبل مغادرتي الآن.أذكِّرك بما كتبه ابو الطيّب في مثل هذا المقام.
- أحفظ ما قاله:
- قومٌ إذا مسَّ النعالَ وجوهُهُم...شكتِ النعالُ بأيّ ذنبٍ أُصفَعُ.

- ممتاز، ونزارُ قال:
- شعبٌ إذا ضُرب الحِذاءُ برأسِه...صرخَ الحِذاءُ: بأيِّ ذنبٍ أُضرَبُ.

- فما تقول؟
 - لعلَّ ما يقوله  صاحبك ناصر يُغنيني عن الكلام.إلى اللقاء القريب بإذن الله.
- -إلى اللقاء.

    بيروت في 30/8/2024.
المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة تفجير أجهزة
تفجير أجهزة" البيجر"،ضربة تحت الحزام ولكن..؟؟؟
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً