قمة قازان تحدي حقيقي للهيمنة الغربية.. بنك البريكس بديل لصندوق النقد الدولي
مقالات
قمة قازان تحدي حقيقي للهيمنة الغربية.. بنك البريكس بديل لصندوق النقد الدولي
ميشيل كلاغاصي
25 تشرين الأول 2024 , 07:05 ص


م. ميشال كلاغاصي

استحوذت النسخة السادسة عشر لقمة البريكس التي استضافتها روسيا في مدينة قازان, على اهتمام كافة دول العالم دون استثناء، خصوصاً وأنها شكلت نقطة تحول تاريخية لدول الجنوب العالمي, وقمة كارثية بالنسبة لدول الهيمنة الغربية, بعد أن وضعت نقطة بداية النهاية لعصر الدولار, وانطلقت بدولها العشر من المؤسسين والمنضمين الجدد, للعمل الفعلي كمجموعة إقتصادية شرقية تقودها روسيا والصين, لمواجهة التكتلات الاقتصادية الغربية كمجموعة الـ G20  ومجموعة الـ G7, لتحقيق هدفها الرئيسي والإستراتيجي بالقضاء على عصر الدولار, وإزاحة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عن القمة العالمية وانهاء عصر الهيمنة الغربي, والتبشير بعصرٍ جديد تقوده دول الشرق.
بالتأكيد يعتبر عام 2024 هاماً بالنسبة لمجموعة البريكس, وبالرئاسة الروسية المميزة لهذا العام, بدأت مجموعة البريكس إنطلاقتها الفعلية وتوسيع قاعدتها وقبولها طلبات إنضمام بعض الدول, وعليه شاركت في القمة 36 دولة منها 22 منها على مستوى الرؤساء, و6 قيادات لمنظمات دولية, كما جمعت أعضاء دول البريكس والبريكس بلاس, وبعض المنضمين المحتملين, واّخرين بصفة مراقبين, في ترجمة حقيقية للدور الحيوي الذي تلعبه روسيا على المسرح العالمي، على الرغم من المحاولات الغربية لعزلها.
ووسط الحروب والصراعات الساخنة, وتصاعد التوترات التي فرضها النظام العالمي الحالي, استطاعت قمة قازان مناقشة متغيرات السياسة العالمية، في خطوةٍ بدت وكأنها بداية ثورةٍ جيوسياسية, وساحةً دبلوماسية عالمية من شأنها تحديد مستقبل الكوكب.
وبحضورعدد من دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، واستكمالاً لعمل مجموعة البريكس المشترك مع هذه الدول , من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي, بعدما حددت روسيا أولويات القمة بعناوين سياسية, وأمنية , وبتعزيزالتعاون الاقتصادي العادل والتمويل والتبادلات الإنسانية والثقافية والإجتماعية, وبمناقشة إنشاء منصة مدفوعات رقمية خاصة بدول البريكس, وبإيجاد عملة احتياطية, وإنشاء صندوق استثمار مشترك, تعبيرراً واستشعراً لبداية التحول الحقيقي, بعدما بدأت دول البريكس بتبادل التجارة البينية بالعملات المحلية لكل دولة, بما يشكل صفعةً قوية للدولار ومحاولةً لتحجيم عصره .
وبات من المعروف أنه وفي أعقاب المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا, اختلف مسار تحرك البريكس, وتحديداً عندما قررت الولايات المتحدة والدول الغربية إخراج روسيا من نظام التحولات البنكية العالمية "سويفت", فكان لا بد لروسيا من إنشاء نظامٍ بديل للتحويلات البنكية العالمية, وبإنشاء منصة خاصة للمدفوعات بين دول البريكس على غرار البيتكوين كعملة رقمية, وتحت مسمى "بريكس بريدج", وبذلك يمكن لبنك البريكس أن يكون بديلاً لصندوق النقد الدولي الذي تسيطر عليه الدول الغربية, الذي لطالما كبلت قروضه وشروطه التعسفية القاسية الدول, وسط الإنهيارات الاقتصادية, والحروب, واجتياح الأوبئة, ووسط ممارساتٌ أمريكية غربية مشبوهة, أدت بمجملها إلى إرباك الاقتصاد العالمي, وإلى زيادة هيمنة أمريكا والدول الغربية, وعليه يأتي بنك البريكس اليوم ليقدم لدوله القروض بدون فوائد وبدون شروط, ويمنحها الفرصة لتفادي السقوط في فخ صندوق النقد الدولي وفي مصيدة الهيمنة الغربية.
وفي القمة وأثناء كلمته اليوم, أكد الرئيس فلاديمير بوتين, أن تمويل بنك البريكس "واعد للغاية", وبأن زيادة المدفوعات بالعملات الوطنية لدول المجموعة "ستقلل من المخاطر الجيوسياسية", وسط إشادة رئيسة البنك الجديد " ديلما روسيف" بأهمية قمة قازان, وسط حاجة دول الجنوب العالمي إلى التمويل والتنمية, الأمر الذي يعتبر بداية لعملية زحزحة والإطاحة بصندوق النقد الدولي ولهيمنة الدولار, ويطيح بخطر العقوبات الغربية.
إن مجموعة البريكس على وشك إحداث ثورة جيوسياسية وتقديم نموذج جديد للحوكمة العالمية يقوم على التضامن والتعددية القطبية واحترام السيادة الوطنية, وعلى دعم دول المجموعة لمواجهة الهيمنة الغربية, بهدف الوصول إلى عالمٍ متعدد الأقطاب يكون أكثر عدلاً وأمناً وسلاماً من نظام الفوضى والعبث الأمريكي الأحادي, تشارك فيه كافة الدول بما فيها دول الجنوب العالمي بصنع "معجزة الخلاص", وبرسم مصائرها وملامح مستقبلها ومستقبل الكوكب.
على الرغم من زحمة الأجندات والمواضيع التي تمت مناقشتها, ركزت قمة قازان على أهم الأزمات والصراعات في أوكرانيا وما يحصل في الشرق الأوسط, وعلى رفض توسيع نطاق الحرب في المنطقة, وأدان بيانها الختامي العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان, ودعا إلى وقف إطلاق النار, وإلى انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة , وضرورة الحفاظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه, كما جددت المجموعة دعمها لقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، في سياق الإلتزام الثابت بحل الدولتين على أساس القانون الدولي، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.
م. ميشال كلاغاصي // كاتب وباحث استراتيجي 
24/10/2024

المصدر: موقع إضاءات الإخباري