تتغلب الأجنة على اختلال الحمض النووي بين الأب والأم
منوعات
تتغلب الأجنة على اختلال الحمض النووي بين الأب والأم
27 أيلول 2025 , 13:56 م

عندما يلتقي الحيوان المنوي بالبويضة، تبدأ سلسلة معقدة من الخطوات الدقيقة التي تضمن تكوّن الجنين بشكل سليم. ومن بين أهم هذه الخطوات إعادة تنظيم الحمض النووي القادم من كلا الأبوين لتشكيل جينوم موحد قبل أن يخضع الجنين لأول انقسام خلوي.

اعتقاد خاطئ حول تشابه الكروموسومات بين الأب والأم

لطالما عرف العلماء أن البويضات والحيوانات المنوية تخزن الحمض النووي بطرق مختلفة. لكن كان يُعتقد أن مناطق السنتروميرات (Centromeres) – وهي المناطق الخاصة من الكروموسومات التي تعمل كمقابض لسحب الحمض النووي أثناء انقسام الخلية – متشابهة وظيفيا بين الأب والأم، خصوصا بفضل وجود بروتين فريد يسمى CENPA.

هذا البروتين يُعتبر بمثابة "علامة لا تُمحى"، تحفظ هوية السنتروميرات وتنقلها عبر الانقسامات الخلوية والأجيال.

اكتشاف جديد يغيّر الفرضيات السابقة

أظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة بحثية بقيادة الدكتورة سو حمود من جامعة ميشيغان أن هذه الفرضية ليست صحيحة تماما، فقد وجد الفريق أن الحيوانات المنوية تحتوي على كميات أقل بكثير من بروتين CENPA مقارنةً بالبويضات.

هذا الخلل قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة في انفصال الكروموسومات، مما يزيد من مخاطر الأخطاء الصبغية (Aneuploidies)، وهي السبب الرئيسي للإجهاض واضطرابات النمو مثل متلازمة داون.

كيف يعالج الجنين هذا الخلل الجزيئي؟

لمعرفة الحل، تتبع الباحثون البروتينات في أجنة فئران تم إنشاؤها عبر الإخصاب في المختبر (IVF).

المفاجأة كانت في دور بروتين آخر يسمى CENPC، حيث تراكم بشكل أكبر على كروموسومات الأب، وعمل كـ"مُجنّد" لجذب المزيد من بروتين CENPA المخزن في سيتوبلازم البويضة.

بهذه الطريقة، تمكن الجنين من موازنة مستويات CENPA بين الكروموسومات الأمومية والأبوية قبل الانقسام الخلوي الأول.

أهمية التوازن الجيني في الانقسام الأول

صرّحت الباحثة ديлара أنبارجي: "تشير نتائجنا إلى أن الكروموسومات الأبوية والأمومية يجب أن تساوي قوتها في السنتروميرات قبل حدوث الانقسام الخلوي."

هذا الاكتشاف يوضح أن التوازن الجزيئي بين كروموسومات الأبوين ليس تفصيلاً بسيطا، بل شرطا أساسيا لانطلاق عملية التطور الجنيني بشكل صحيح.

هل ينطبق ذلك على البشر أيضا؟

أكدت الدكتورة سو حمود أن هذا الاختلاف في مستويات CENPA لا يقتصر على الفئران، بل وُجد أيضا عند البشر، مع ملاحظة تفاوت كبير بين بويضات مختلفة وحتى بين الأفراد.

وأضافت: "هذا قد يفسر لماذا تفشل بعض الأجنة في التطور بينما تستمر أخرى بشكل طبيعي."

آفاق علاجية جديدة

تفتح هذه النتائج آفاقا مستقبلية لعلاجات جديدة في مجال طب الإنجاب، خاصة في الحالات التي تحمل فيها بويضات بعض النساء مستويات منخفضة بشكل غير طبيعي من بروتين CENPA.

وتعلق الباحثة أنبارجي: "قد يمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو تطوير استراتيجيات علاجية لمساعدة النساء اللواتي يواجهن صعوبة في الحمل أو الحفاظ على الحمل."

المصدر: Developmental