أظهرت دراسة علمية حديثة أن النمل العادي يُنتج مضادات حيوية طبيعية فعالة تستهدف أنواعا مختلفة من البكتيريا والفطريات. وتتميز هذه الآليات الدفاعية الكيميائية بقدرتها على الحفاظ على فعاليتها لملايين السنين، ما يجعلها مصدرا واعدا لتطوير علاجات جديدة ضد العدوى المقاومة للأدوية.
دراسة علمية تكشف تفوق النمل في استخدام المضادات الحيوية
نشر كلينت بينيك، الأستاذ المشارك في قسم علم الحشرات بجامعة أوبورن الأميركية، وفريقه البحثي دراسة في المجلة البيولوجية لجمعية لينيان (Biological Journal of the Linnean Society)، كشفت أن النمل يستخدم المضادات الحيوية بكفاءة تفوق الاستخدام البشري.
وشملت الدراسة ستة أنواع من النمل المنتشرة في جنوب شرق الولايات المتحدة، حيث تبيّن أن هذه الحشرات تستخدم عدة فئات من المركبات المضادة للميكروبات، مع الحفاظ على قدرتها على منع تطور مقاومة لدى مسببات الأمراض.
ملايين السنين من الاستخدام دون فقدان الفعالية
بينما لم يبدأ الإنسان استخدام المضادات الحيوية إلا منذ نحو مئة عام، يعتمد النمل على هذه المركبات الدفاعية منذ عشرات الملايين من السنين. ورغم ذلك، لم تفقد هذه المواد فعاليتها، ما يثير اهتمام العلماء في فهم آلياتها الطبيعية.
استهداف دقيق للميكروبات دون الإضرار بالبكتيريا النافعة
أظهرت نتائج الدراسة أن مستخلصات النمل تعمل بشكل انتقائي، إذ إن بعضها يستهدف الفطريات، بينما يهاجم البعض الآخر البكتيريا موجبة الغرام أو سالبة الغرام.
وتسمح هذه الاستراتيجية بالقضاء على مسببات المرض دون الإضرار بالمجتمعات الميكروبية المفيدة في الجسم، كما تقلل من خطر ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للعلاج.
فعالية ضد فطر Candida auris شديد الخطورة
من أبرز نتائج الدراسة أن مستخلصات النمل أثبتت قدرتها على القضاء على فطر Candida auris، وهو أحد أخطر مسببات العدوى في المستشفيات، ويتميز بمقاومته العالية للعديد من الأدوية المتاحة حاليًا.
وحتى النمل الناري، الذي يُنظر إليه عادة على أنه آفة ضارة، تبيّن أنه يفرز مركبات قوية مضادة للبكتيريا، وقد تكون ذات قيمة كبيرة في المجال الطبي.
آفاق واعدة للطب في المستقبل
خلص الباحثون إلى أن النمل يمثل مصدرا طبيعيا واعدا لتطوير مضادات حيوية جديدة، يمكن أن تسهم في مواجهة أزمة مقاومة المضادات الحيوية، التي تُعد من أكبر التحديات الصحية العالمية.
ويؤكد العلماء أن هذا المورد الطبيعي يكاد يكون غير محدود، وقد يشكل أساسا لتقنيات علاجية مستقبلية أكثر أمانا وفعالية.