كتبت الأستاذة ريم السيِّد:
ثقافة
كتبت الأستاذة ريم السيِّد: "المكابرة", قصة قصيرة
13 أيلول 2022 , 16:02 م


ذات يوم عادت أمي من عند الجارة، فوجدت كأساً من كؤوس أحد أطقم كؤوس المطبخ مكسوراً على الأرض ، فاتجهت نحو غرفتي بمنتهى الغضب، وراحت تصرخ في وجهي بشدة: لِمَ كسرته؟

وكنت أُقْسِمُ لها أنَّني لم أفعل،لكنها لم تصدق أبدًا، وأخذت مني ألعابي المفضَّلة،وأقسمت ألا مصروفَ لي لمدة شهر. خرَجْتُ من غرفتي وبكيت كثيراً، لأنَّني أُعاقَبُ على فِعْلَةٍ لم أفعلْها .

عاد أبي مساء ذلك اليوم حاملاً، طقماً ثميناً من الكؤوس، أتى لها به بديلًا عن ذاك الذي كسره رغمًا عنه.

انتظرت يومها أن تأتي أمي وتعتذر مني، بعدما عَرَفَتْ أنّني لم أكسر الكأس، وأنّها ظلمتني، لكنها لم تفعل، فيما استمر عقابها لي شهراً كاملاً، كنت خلاله أبكي كل ليلة، وأحاول الجلوس في غرفتي بعيداً عنها لحزني الشديد .

انتهى الشهر فأعادت لي الألعاب، وهي تُؤكِّد أنّ عليّ ألّا أفعل ذلك مجدداً، فقلت في اندفاع :

-ألم يعترف لكِ والدي أنه هو من كسره، وأتى إليكِ بالأثمن منه ؟

ابتلعت ريقها وقالت :

-لم يحدث ذلك، ثم.. كيف تجرؤ على قول ذلك ؟

-لأنكِ لم تُصدقيني أولا ، وعاقبتني بقسوة ، وحين عرفتِ الحقيقةَ لم تتراجعي!

غَضِبَتْ كثيرًا من كلماتي هذه، وأقسمت أن تُعاقبني لشهرٍ آخر، بسبب حديثي غير الَّلبقِ معها.

لكنّني هذه المرة لم أبكِ ولم أحزن، فالقسوة تُوَلِّدُ الجفاء.

بعد سنة وقع الطلاق بين أمي وأبي، تأثرت كثيرًا، ولم أفهم السبب.

اليوم فقط، وبعد مرور سنوات طويلة،وقدتزوجت أمي برجل آخر، بعد طلاقها بعدة أشهر، أخبرني والدي عن السبب، فقال :

"لم تعتذر لي يومًا على خطأ، حتى حين تتأكد من ارتكابها خطأً أو أذىً، لم تكن تعترف، بل وتتمادى بتعنت واضح، تحملت ذلك كثيرًا،وحين طلقتها انتظرت أن تحاول فقط الاعتذار، لنحافظ على أسرتنا ، لكنّها لم تفعل،بل لم تحاول حتى، وتزوجت سريعًا، لتثبت لنفسها من جديد أنها لا تُخطئ.

من الخسارة الاستمرار في الخطأ لمجرد ألا نعترف بأخطائنا.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري